رساله للملحد

رساله
إن حلول الوفاة عليكم قسراً وقهراً: لدليل قاطع على وجود قوة أعلى تستحيل مواجهتها والوقوف في وجهها، وليست إلا قوة الله جل جلاله؛ إنه الرب القدير الذي تذل له رقاب المتكبرين، وتنحني له جباه المتجبرين. فإن كان العلو على الله والجحود به أمضى سلاحكم، فلستم أشد من فرعون في ذلكم: فقد ادعى أنه الرب الأعلى، وطغى في الأرض وبغى، وكفر بآيات موسى كلها ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ (النمل:14).
وبعد كل هذا الغي والبغي، لم يملك فرعون حين رأى الموت مقبلا عليه سوى أن يبوح بالحقيقة التي لطالما أخفاها في صدره، لعلها اليوم تنفعه أو تجزي عنه شيئا: ﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ (يونس:90) ولكنه تأخر كثيرا في نطقها، وفات الأوان على قولها: ﴿ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ﴾ (غافر:85).
أما إن كان سبب إلحادكم هو حب التميز والاختلاف عن الآخرين، ورغبتكم عن متابعة الأنبياء والمرسلين، فأنتم الجهلاء حقا، والسفهاء صدقا بنص القرآن الكريم: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:13) ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ (البقرة:130).
ولتعلموا جيداً أن الرفعة والعلياء ليست لكم ولكن لمن آمن منكم: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (المنافقون:08) ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ (آل عمران:139).
موقع الوكه