الجسد الأثيري

الإنسان بشكل عام يجهل طبيعة جسمه ويجهل أن هناك جسماً غير مادي وهو جسم مثالي أو برزخي أو كوكبي وهو الذي ينتقل به إلى عالم ما بعد الموت وبهذا الجسم المثالي ينشط الإنسان ويتحرك إذا نام وحلم وهذا الجسم يختلف عن الجسم المادي حيث أنه ألطف ويخترق الحواجز المادية ، ويصل بينه وبين الجسم المادي بحبل من ضوء يسمى الحبل السري الروحي وهو النفق الاثيري وبانقطاعه يحدث الموت
وهذا الجسم غير مادي ولكنه مادي على المستوى غير المادي ويحمل شعلة العقل والروح وليس هو الروح كما يدعي البعض ويوجد هذا الجسم الأثيري أيضاً في الحيوان والنبات .
وهذا الجسم موجود مع لحظة الحمل ويبدأ يجمع حوله المادة الفيزيقية ( الجسم المادي ) فتبطؤ اهتزازاته لذا الجسم االمادي غلاف للجسم الأثيري ، وتتم عملية الحمل وتكوين الجنين خلال الظلام ( سورة الزمر / 6 ) .
وهذا الجسد اللامادي هو صلة الوصل بين الروح الناطقة الواهبة للحياة وبين الجسد المادي ، ويصف سير أوليفر لودج هذا الجسد الأثيري بأنه وسيط اتصال بالأثير والحياة الأخرى وبالله .
إذا انقطع هذا الحبل السري يعود الجسم المادي إلى الأرض وأما الجسم الأثيري الحامل العقل والروح يعود إلى الوسط الذي جاء منه وقد يبقى الجسم الأثيري فترة تطول أو تقصر في نفس المكان الذي تحدث الوفاة ولكن الروح لا تستجيب لاهتزازات فيزيقية ( أرضية ) وإنما تستجيب لاهتزازات أعلى وبالتالي العقل أيضاً يستجيب لهذه الاهتزازات فيعرف الإنسان أنه قد انتقل إلى عالم آخر .
الجسم الأثيري غير قابل للبتر أو للفساد وهو لا يهرم ذلك أن الروح والعقل خالدان لا يفنيان وبهما يحس المتوفى عالمه الجديد ويتعامل معه ونفس أعضاء الحس التي كان يحس ويتعامل بها في عالم الدنيا ولكن في إطار الجسد الأثيري والإحساس المادي الذي يحسه الكائن الحي مستمداً من قدرة الإحساس في الجسم الأثيري إذ تنقل هذه القدرة إلى الأعضاء المادية عن طريق الجسد الأثيري للإنسان حاسة روحية توصف أنها حاسة سادسة ولها قدرات متعددة وتتم خلال أدوات الإحساس المادية أو عن طريق غيرها فيرى صاحبها بالعين الأثيرية إن صح التعبير .
مع مضي الوقت يستطيع العقل في البرزخ أن يسيطر على الجسم الأثيري ولكن بالنسبة للصالحين إذ بالفكر يكون إزالة جميع العاهات الجسمية ، لذلك المؤمن يعيش في نعيم دائم لأنه يسيطر على عقله نتيجة أعماله الصالحة عكس غيره الذي لا يستطيع أن يتصرف بالفكر ( العقل ) كما في الدنيا كما أنه قد يعاني من الهم والغم وغيرهما من ألوان العذاب النفسي نتيجة الأمراض الجسمية والنفسية والقلبية التي تصاحب الجسم الأثيري في البرزخ .
جاء في الصحاح والسنن أنه جرى حوار بين النبي صلى الله عليه وآله وشاب تائب على النحو التالي : ( بعد مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وآله ملتمساً المغفرة والتوبة من ذنبه العظيم ) قال النبي صلى الله عليه وآله : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق . قال الشاب : إنها أعظم من الأرضين السبع .
فقال صلى الله عليه وآله : يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السموات ونجومها ومثل العرش والكرسي ... .
فيفهم من الحديث أن الأرضين السبع عالم قائم بذاته وأنه يشبه أرضنا الدنيا وفيها أناس فلابد أن يكون هذا العالم هو عالم البرزخ أعد للذين يغادرون الدنيا بعد الموت وهذا ينطبق أيضاً على السموات السبع على اعتبار أن لكل أرضاً سماء كما أن لأرضنا الدنيا سماء وهي السماء الدنيا ولذا يجرنا الحديث إلى القول أن السماء الدنيا خارجة عن نظام عالم البرزخ بمعنى أنها تخص أرضنا المشهودة وأن هذه السماء يجري عليها ما يجري على أرضنا من قوانين ولكن أخطأ بعض المفسرين في جعل السماء الدنيا السماء الأولى .
هناك ملاحظة جديرة بالبيان وهي أن بعض أرواح الموتى لا تنتقل إلى عالم البرزخ مباشرة وقد تعيش فترة بين أرضنا وسمائنا الدنيا سواء أكان الموت مفاجئة لها حيث لم تدرك حقيقة الموت أو أن بعضها انتحرت فلابد من قضاء السنين المقدرة لها للعيش في الدنيا . ويقال إن قوماً غادروا الدنيا من ألف سنة أو يزيد قبل أن يبدأوا يدركون وسطهم الجديد أي عالم البرزخ بسبب انخفاض نموهم ورقيهم العقلي والإيماني .