هل سرعة توسع الكون الحالية تبلغ سرعة الإفلات من الجاذبية الكونية حتى يستمر في التوسع...

هل سرعة توسع الكون الحالية .... تبلغ سرعة الإفلات من الجاذبية الكونية... حتى يستمر في التوسع...
"يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" الأنبياء (104)..
يعتقد المشتغلون بكل من علماء الكون والفيزياء النظرية.. أن الأمر مرتبط بكثافة الكون,.. فإن كانت كثافته في حدود مايعرف بالكثافة الحرجة
(CriticalDensity)..
فمعنى ذلك أن قوة الجاذبية الكونية تكفي لإيقاف توسع الكون في المستقبل... الذي لايمكن لأحد أن يعلمه إلا الله,..
أما إذا كانت كثافة الكون أقل من الكثافة الحرجة... فمعنى ذلك أن الكون سيبقى متوسعا إلى مالا نهاية,.. وهذا مالايمكن إثباته.. لأن الانسان في زمن تفجر المعارف العلمية الذي نعيشه لايدرك أكثر من10% من مادة الكون المنظور,... فأنى له أن يصل إلى معرفة كثافة هذا الجزء من الكون المليء بصور المادة غير المرئية من مثل الثقوب السود,.. والمادة الداكنة,.. وجسيمات النيوترينو
(Neutrino)
وغيرها,.. فضلا عن معرفة كثافة الكون غير المدرك؟.. ولذلك يتحدث علماء الفلك عما يسمونه باسم الكتلة المفقودة
(TheMissingMass)..
في الجزء المدرك من الكون,.. والتي يعللون وجودها.. بأن كميات المادة والطاقة المشاهدة فيه أقل بكثير عن الكمية اللازمة لابقاء أجزائه متماسكة مع بعضها بعضا بفعل الجاذبية,..
بل يحتاج ذلك إلى عشرة أضعاف الكمية المدركة من المادة.. لكي يبقى الجزء المدرك من الكون في تماسك واتزان,... ومن هنا كان التقدير بأن90% من مادة الجزء المدرك من الكون غائبة عن إدراكنا...
*** الاحتمال الثاني:... ويقترح فيه علماء الكون نموذجا للكون المتذبذب
(TheOscillatingUniverse)..
بغير بداية ولا نهاية ـ.. هروبا من الاعتراف بالخلق وجحودا بالخالق( سبحانه وتعالى ) ـ.. ويبقي الكون في هذا النموذج متذبذبا بين التكدس والانفجار.. أي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعة.. ولكنها غير متشابهة إليف مالا نهاية.. تبدأ بمرحلة التكدس على الذات... ثم الانفجار والتمدد.. ثم التكدس مرة أخرى وهكذا...
واقترح ريتشارد تولمان
(RichardTolman)
في سنة1934 م.. أن كل دورة من دورات تذبذب الكون لاتتشابه مع ماقبلها من الدورات... بافتراض أن النجوم تنشر إشعاعها في الكون.. فتتزايد أعداد فوتونات الطاقة ببطء.. فيأتي كل انفجار كوني أعلى حرارة من سابقيه.. على الرغم من التدمير الكامل الذي يعم الكون في كل مرحلة,.. وهو افتراض ساذج ينسي انطواء الكون على ذاته.. بكل مافيه من مختلف صور المادة والطاقة والمكان والزمان,.. وانغلاق ذلك كله في كل عملية تكدس يمر بها الكون,.. ولذلك لم يستطع هذا النموذج المقترح الصمود في ضوء معطيات علم الفلك الحديثة..
** الاحتمال الثالث:...
ويتوقع فيه العلماء تباطؤ سرعة توسع الكون مع الزمن وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم,.. فكما أن الحرارة التي نتجت عن تلك العملية.. والتي تقدر حسابيا ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة لحظة الانفجار.. قد انخفضت اليوم إلى أقل قليلا من الثلاث درجات مطلقة.. ( أي إلي ـ270 درجة مئوية), فلابد أن القوة الدافعة إلى الخارج.. والمؤدية إلى توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل,... خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلى أن معدلات التمدد الكوني.. عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة... كانت أعلى بكثير من معدلاتها الحالية( الكون المتضخم بسرعات فائقة)...
ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوى الجاذبية.. على قوة الدفع بالمجرات.. للتباعد عن بعضها بعضا.. فتأخذ المجرات في الاندفاع إلى مركز الكون بسرعات متزايدة,..
لامة مابينها من مختلف صور المادة والطاقة.. فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس على ذاته,... ويطوي كل من المكان والزمان حتى تتلاشي كل الأبعاد أو تكاد,... وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون.. حتى تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة,.. تكاد تصل إلى الصفر أو العدم,.. ومتناهية في الكثافة والحرارة إلى الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة,.. أي يعود الكون إلى حالته الأولي( مرحلة الرتق).. ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق
(TheClosedUniverse)..
وتسمى عملية تجمع الكون بنظرية الانسحاق الكبير..
(TheBigCrunchTheory),
وهي معاكسة لعملية الانفجار الكبير. ..
ونحن المسلمين نؤمن بتلك النظرية لقول الحق..
( تبارك وتعالى ) في محكم كتابه:..
"يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين."
(الأنبياء:104)..
د. زغلول النجار..