top of page

تفسير رقدة اهل الكهف في اللغة

وجوه جديدة لتفسير بقية آيات القصة :

استنادا إلى التفسير الذي ذكرناه والذي يقضي بنسبية الزمن لدى الفريقين فماذا

يكون معنى قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ

ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ

بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا

وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) ؟ بمعنى آخر ما الذي يثير رعب المطلع عليهم ؟ ما

الذي يخيفه حتى يولي منهم فرارا ويملأ منهم رعبا؟

لا شك أن الإجابة أتت بها الآية وهي تتلخص في ثلاثة مشاهد :

المشهد الأول قوله تعالى (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُود).

والمشهد الثاني قوله تعالى ٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ

الشِّمَالِ).

والمشهد الثالث قوله تعالى وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيد).

هذه المشاهد هي التي ستثير رعب المطلع عليهم ولي نعرف ما هو المثير للرعب ،

نحتاج إلى التدبر في الآية بناء على التفسير الجديد ، والتدبر يبدأ بمعرفة الدلالات

اللغوية التي وردت فيها ، ومن ذلك قوله أَيْقَاظًا ) وقوله رُقُود ) فالرقاد كما

جاء في المعاجم يعني النوم والنوم كما جاء في المعاجم يعني السكون فقد جاء في

مقاييس اللغة :

(النون والواو والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على جُمودٍ وسكونِ حركة. منه النَّوم.

نامَ ينام نَوْماً ومَناما. وهو نَؤُومٌ ونُوَمَة: كثير النَّوم. ورجل نومةٌ:خاملٌ

لا يُؤبَه له. ومنه استَنامَ لي فلانٌ، إذا اطمأنَّ إليه وسَكَنَ.).

فإذا كان الرقاد بمعنى السكون فان اليقظة تأتى عكس ذلك فهي بمعنى الحركة ،

فقد جاء في لسان العرب:

(ورجل يَقِظ ويَقُظ: كلاهما على النسب أَي مُتَيَقِّظ حذِر،) وجاء في معجم

الصحاح في اللغة :

(رجلٌ يَقِظٌ ويَقُظٌ، أي متيقّظٌ حذرٌ. وأيْقَظْتُهُ من نومه، أي نبَّهته

فَتَيَقَّظَ واسْتَيْقَظَ، فهو يَقْظانُ.) .

وأما الدلالة اللغوية لقوله تعالى: (وَنُقَلِّبُهُمْ )َ ، فالتقليب كما جاء

في لسان العرب وتَقَلَّبَ الشيءُ ظهراً لبَطْنٍ، كالـحَيَّةِ تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ.

وقَلَبْتُ الشيءَ فانْقَلَبَ أَي انْكَبَّ، وقَلَّبْتُه بيدي تَقْلِـيباً).

إذن وبعد الاستعانة باللغة يصبح المعنى واضح جدا ، فهؤلاء الفتية ، وفي وقت

واحد، متحركون يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال وساكنون أيضا! كيف يكون هذا ؟! كيف

يكون الشخص في آن واحد ساكنا ومتحركا ؟ الأمر الوحيد الذي يجعلك تتصور هذا المشهد

وتقبله هو ما ذكرناه من قبل عن إبطاء الزمن داخل الفجوة ، فلكي تمر دقيقة واحدة من

زمن أصحاب الكهف ،على المطلع عليهم أن ينتظر تقريبا مائة وخمسين يوما! وعلى هذا

المعنى فإذا أراد أحد أصحاب الكهف أن ينقلب على جنبه اليمين فلن يكلفه ذلك نصف

دقيقة من الزمن تقريبا (زمن الفجوة ) أما المطلع عليهم أو المراقب لهم فإذا أراد

ان يراقب حركة الانقلاب هذه والتي لا تستغرق سوى نصف دقيقة من الزمن فعليه أن ينتظر

تقريبا خمسة وسبعين يوما لكي تكتمل الحركة ! وهذا ما يسمى بالحركة البطيئة أو

بالتعبير الإنجليزي Slow Motion وعلى هذا ، فإذا اطلع عليهم شخص فجأة فسيرى مجموعة

من الأشكال البشرية تبدو كالمتجمدة على حركات معينة ! سيرى أحدهم رافعا يده

لا ينزلها أبدا ! والآخر رافعا رجله لا ينزلها أيضا والثاني رافعا وسطه وثابتا

عليه ! متجمدون على حركات معينة وهم في نفس الوقت أحياء مفتحة عيونهم! أولا يثير

هذا المنظر الرعب والخوف ! بلى وما في ذلك شك.

موقع maraga

مواضيع سابقة
bottom of page