top of page

" انواع القلوب البشرية "القلب السليم


اما انواع القلوب البشرية

1- القلب السليم .

2-القلب المخموم .

3-القلب المطمإن .

4- القلب المهدي .

5-القلب الصالح .

6- القلب العاقل .

7- القلب الفقيه.

8-القلب الحاضر.

9-القلب المريض.

10- القلب الاث .

//////////////////////////////////

"الـــــــقــــــــــــلــــــــــــب الـــســـلــــيـــم"

"إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ "الشعراء -89

"السلامة المعنوية المجازية ، أي الخلوص من عقائد الشرك مما يرجع إلى معنى الزكاء النفسي .

وضدُّه المريض مرضاً مجازياً قال تعالى : { في قلوبهم مَرض } (البقرة -10 ).

والاقتصار على السليم هنا لأن السلامة باعث الأعمال الصالحة الظاهرية

(وإنما تثبت للقلوب هذه السلامة في الدنيا باعتبار الخاتمة فيأتون بها سالمة يوم القيامة بين يدي ربّهم .(ابن عاشور

جاء الدعاء على لسان ابى الانبياء ابراهيم عليه السلام فى سورة الشعراء الايات 87-88-89

( ولاتخزنى يوم يبعثون ، يوم لا ينفع مال ولا بنون، الا من اتى الله بقلب سليم )

ونقول أن القلب السليم هو القلب البرىء من كل مرض .

و القلب السليم الذي ينجو من عذاب الله هو القلب الذي قد سلم لربه وسلم لامره

ولم تبق فيه منازعة ولا معارضة لخبره فهو سليم مما سوى الله لا يعبد الا الله و لا يرجو الا الله ولا يفعل إلا ما أمره الله .

لا تعترضه شبهة تحول بينه وبين تصديق خبره ولا شهوة تحول بينه وبين متابعة رضاه سليم من الشرك و البدع و الغي و الباطل ،

وهو الذي سلم لعبودية ربه خوفا وطمعا و رجاء ففنى بطاعته عن طاعة ما سواه

(وبخوفه عن خوف ما سواه وبرجائه عن رجاء ما سواه . ( نور الدين بشير .

(قال تعالى : (إلا من أتى الله بقلب سليم

.فيه قولان : أحدهما : أنه سليم من الشرك قاله ابن عباس

.الثاني : أنه سليم من رذائل الأخلاق

(فقد روي عن عروة أنه قال : يا بني ; لا تكونوا لعانين ، فإن إبراهيم لم يلعن شيئا قط . قال الله : (إذ جاء ربه بقلب سليم

.وقال قوم : معناه لديغ ، أحرقته المخاوف ، ولدغته الخشية

وقد قال بعض علمائنا : إن معناه إلا من أتى الله بقلب سليم من الشرك ; فأما الذنوب فلا يسلم أحد منها .

اي أنه لا يكون القلب سليما إذا كان حقودا حسودا ، معجبا متكبرا ،

.وقد شرط النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه . والله الموفق برحمته .

" حقيقة القلب السليم "

قال تعالى: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ "الشعراء: 87 - 89"


قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة،

فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره،

وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله.

ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء:

.من شرك يناقض التوحيد -

.وبدعة تخالف السنة -

.وشهوة تخالف الأمر -

.وغفلة تناقض الذكر -

.وهوى يناقض التجريد والإخلاص -

وهذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر.

ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم،

فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها. (الجواب الكافي لابن القيم، ص(151

:قَالَ الإمامُ ابنُ القيم - رحمه الله - أيضاً

الْقلبُ السَّلِيمُ الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلبُ الَّذِي قد سَلِمَ لرَبه وَسلم لأمره وَلم تبْق فِيهِ مُنَازعَة لأمره

وَلَا مُعَارضَة لخبره فَهُوَ سليم مِمَّا سوى الله وَأمره لَا يُرِيد الا الله وَلَا يفعل إِلَّا مَا أمره الله

فَالله وَحده غَايَته وأمره وشرعه وسيلته وطريقته لَا تعترضه شُبْهَة تحول بَينه وَبَين تَصْدِيق خَبره

لَكِن لَا تمر عَلَيْهِ إِلَّا وَهِي مجتازة تعلم انه لَا قَرَار لَهَا فِيهِ وَلَا شَهْوَة تحول بَينه وَبَين مُتَابعَة رِضَاهُ

وَمَتى كَانَ الْقلب كَذَلِك فَهُوَ سليم من الشّرك وسليم من الْبدع وسليم من الغي وسليم من الْبَاطِل

وكل الأقوال الَّتِي قيلت فِي تَفْسِيره فَذَلِك يتضمنها وَحَقِيقَته انه الْقلب الَّذِي قد سلم لعبودية ربه حَيَاء وخوفا وَطَمَعًا ورجاء

ففني بحبه عَن حب مَا سواهُ وبخوفه عَن خوف مَا سواهُ وبرجائه عَن رَجَاء مَا سواهُ

وَسلم لأمره وَلِرَسُولِهِ تَصْدِيقًا وَطَاعَة كَمَا تقدم واستسلم لقضائه وَقدره فَلم يتهمه وَلم ينازعه وَلم يتسخط لأقداره

فَأسْلَمَ لرَبه انقياداً وخضوعاً وذُلاً وعبوديةً وَسَلِمَ جَمِيع أحواله وأقواله وإعماله وأذواقه ومواجيده ظَاهراً وَبَاطناً

مِن مشكاة رَسُوله وَعرض مَا جَاءَ من سواهَا عَلَيْهَا فَمَا وافقها قبله وَمَا خالفها رده وَمَا لم يتَبَيَّن لَهُ فِيهِ مُوَافقَة وَلَا مُخَالفَة

وقف أمره وأرجأه الى ان يتَبَيَّن لَهُ وَسَالم أولياءه وَحزبه المفلحين الذابين عَن دينه وَسنة نبيه القائمين بهَا

"وعادى أعداءه الْمُخَالفين لكتابه وَسنة نبيه الخارجين عَنْهُمَا الداعين إلى خلافهما. "مفتاح دار السعادة - لابن القيم

علامات القلب السليم :-

ذكر الله عند الخلوّ : عندما تجلسُ وحيداً ولا أحد معكَ فأنت تجلس مع روحكَ

والهموم التي قد فعلتها الحياة فيكَ والتي أثّرت على قلبكَ الذي يموتُ بعد كلّ قصّة أو طعنة،

فعندما تجلسُ وحيداً وتتذكّر الله وتستغفرهُ فهذا دليل على وجود قظعة من قلبكَ ما زالت تنبض بالخير

فيجب أن تحييها بذكر الله ولا تجعل الدنيا تلهيك وتضلّك عن الطريق السليم.

الصلاة : تعتبر الصلاة هي راحة القلب والمغذّي الروحي للإنسان والصلة بين العبدِ وربّهِ،

فإن كنتَ تجد الراحة في الصلاة فأنتَ قلبك ما زال سليم ينبض بالخير

.لأنّ القلب السليم معلّق بباب الله تعالى، فالصلاة هي طريق أيضاً ممكن أن تسكلهُ لتحيي قلبك وضميركَ وتجعل زهور في القلب

أن تتذكّر المعاصي والذنوب : إنّ القلب المتحجّر الذي تكون من حجر أخرس

لا ينطق لا يشعر بارتكاب الفواحش والذنوب وقتل الناس بالألسن وكأنّهُ يأكلُ من لحمَ أخيهِ،

فكم رقصوا على جثّتي أناسُُُ لا قلوب ولا شفقة بين صفحاتِ إنسانيّتهم وما زلتُ أنبضُ بقلب

قد أهلكني وأوجعني من المعاصي وعدم جرح الآخرين، ولكن هذا القلب هو وحدهُ من سيدخلني الجنّة

وهنيئاً لي ذلك اليوم على ما صبرتُ وعلى ما سأصبرُ عليهِ، وحتّى لو لم يدخلني فعلى الأقل ما زلتُ إنسان ينبض بمشاعر.

الشعور بالآخرين : عندما تجدُ نفسكَ تشعر بمأساةِ الآخرين وأوجاعهم فعلم أنّكَ إنسان،

وعندما تشعرُ بأوجاعِ نفسكَ فأنت حيّ، ما أجملَ أن تشعر بالآخرين ومأساتهم وتواسيهم وتقف بجنبهم

حتّى ولو لم يجاوزكَ بالخير، فلا تنتظر الخير إلاّ من ربّ الخير.

ترك الحسد والغيبة والنميمة : كان لي صديق يغارُ على من يمتلكون السيارات الفخمة

وينظر إلى الآخرين بما لديهم ووجدتُ قلبهُ قد أتعبهُ من الهموم التي حملها على عاتقهِ

من وراء الغيبة والنميمة والحسد، فنظرتُ إلى نفسك وإلى قلبي فوجدتُ أنّ حسد الآخرين وذمّهم

هي مرض يصيب القلب حتّى يقتلكَ، فعندما تجدُ نفسكَ لا تحقد أو تكره فأنتَ تمتلك قلب سليم

خالِ من هذه الأمراض التي تقتل روحكَ وكلّ شيء جميل، وإيّاكَ أن تعتقد أن القلب الطيّب

هو مصدر الهموم أو المشاكل ولكن تعامل مع هذه الطيبة بحكمة وتضع الطيبة بمحلّها وبعيدة عن متناول الآخرين

لكي لا يلعبو بمشاعركَ وبنفس الوقت لا تحقد أو تكره أحد.

الخوف من الموت : إنّ أعظم عظةِ هي الموت ولا يوجد شيء بعدهُ ممكن أن يذكّركَ بهِ أحد لكي يعضكَ،

فعندما تجدُ قلبكَ قد خافَ من الموت واهتزّ جزء في داخلكَ عندما تتذكّر حياتك كشريط يمرّ أمامك

فأنت تمتلك قلب سليم ما زال ينبض بالخير فلا تقتلهُ، وما أصعبها أن تتذكّر الموت أو تمشي في جنازة

وقلبكَ لا يشعر بها فاقرأ عليها السلام وعلى نفسكَ وابقى في الدنيا ومت وعش فيها من أجلها،

فالحنّة تحتاجُ إلى قلب سليم لا يكره لا يتكلّم على الآخرين وعن أعراضهم،

واعلم أنّكَ مسؤول عن ذلك القلب إذا جرحتَ أو خنتَ الآخرين فما أصعبها من كلمات،

والويلُ لمن غدر أو خان أو تلاعب بمشاعر الإنسان ونسيَ أنّهُ مجرّد شيء لا يذكر عند الله تعالى،

فعش بقلب سليم طاهر واترك الناس لربّ الناس وابعد قلبكَ عن كلّ شخص لا يقدّرهُ،

(ومن غدرك سيُغدر ومن تركَ فيكَ جرح سيأتي شخص ويزيل ذلك الشخص وكأنّ شيئاً لم يكن. (وسام طلال

" سلامة الصدر "

خلق يبعث على حب الخير للآخرين، على بذل الخير والمعروف والإحسان لهم،

وكف الأذى والسوء عنهم، من اتصف به عاش سعيدًا مرضيًّا محبوبًا، يحبه العباد، ويحبه رب العباد سبحانه،

خلقٌ من أعظم الخصال، وأشرف الخلال، إنه: سلامة الصدر

سلامة الصدر خُلق آخرَ من أخلاق الإسلام العظيمة الراقية، خلق يبعث على حب الخير للآخرين، على بذل الخير والمعروف والإحسان لهم، وكف الأذى والسوء عنهم، من اتصف به عاش سعيدًا مرضيًّا محبوبًا، يحبه العباد، ويحبه رب العباد سبحانه،

خلقٌ من أعظم الخصال، وأشرف الخلال

.ما أحوجنا إلى هذا الخلق الكريم في زمن فشت فيه مظاهر الحقد والحسد والكراهية

مفهوم سلامة الصدر

سلامة الصدر: هي نقاء القلب وخُلوُّه من كل غلٍّ وحسد وحقد على المسلمين.

سلامة الصدر: هي صفاء القلب، وطيب النفس وحسن السريرة.

سلامة الصدر: امتلاؤه إيمانًا ويقينًا، وتقوى ومحبة ورحمة.

والصدر السليم، والقلب السليم: هو الذي لا غشَّ فيه، ولا غلَّ فيه، ولا حقد فيه، ولا حسد فيه،

ولا ضغينة فيه، ولا كراهية ولا بغضاء فيه لأحد من المسلمين.

الصدور السليمة، والقلوب السليمة، والنفوس الزكية: هي التي امتلأت بالتقوى والإيمان؛

ففاضت بالخير والإحسان، وانطبع صاحبها بكل خلق جميل، وانطوت سريرته على الصفاء والنقاء وحب الخير للآخرين،

فهو من نفسه في راحة، والناس منه في سلامة.

أما صاحب القلب الخبيث والخلق الذميم، فالناس منه في بلاء، وهو من نفسه في عناء.

المسلم لا يكون إلا سليمَ الصدر، طيب النفس، طاهر القلب، لا يحمل في قلبه على إخوانه سوءًا ولا ضغينة،

بل يحبُّهم ويودهم، ويحب الخير لهم، حَسُنتْ سيرته لما حَسُنت سريرته؛ إذ لا تطيب السيرة إلا بصفاء السريرة؛

قال الفضيل بن عياض رحمه الله:

"ما أدرك عندنا مَن أدرك بكثرة نوافل الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة"

مكانة سلامة الصدر

إن من النعيم المعجل للعبد في هذه الحياة، بل هو جنة الدنيا ولذة العيش:

أن يرزق اللهُ العبد نعمة سلامة الصدر على كل مَن عاش معه، أو خالطه، بل على كل أحد!

فقلبه أبيض من ثوبه، يرى أن لكل مسلم عليه حقًّا، وليس له حق على أحد؛ ولذا فحياته طيبة مطمئنة،

يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه.

فما أحوجنا إلى صدور سليمة، وقلوب مطمئنة؛ فالقلوب هي منبع المشاعر، ومصدر العواطف،

ومحرك االأخلاق ؛ وموجه التصرفات، فإذا صلَحت صلَحت كل الأعمال والأخلاق،

:وإذا فسدت فسدت كل الأعمال والأخلاق؛ كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

الا وإن في الجسد مضغة، إذا صلَحتْ صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»،

وفي مسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الحنة لا يأمن جارُه بوائقَه".

سلامة الصدور من صفات أهل الجنة

فلا يَصلُح لسكنى الجنة مَن تلوَّث قلبه بالأدران، بل مَن صفت قلوبهم وطهرت نفوسهم؛

لذا قال الله عز وجل في أهل الجنة: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ"(الحجر-47).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه،

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا تباغضَ بينهم ولا تحاسد، لكل امرئ زوجتان من الحور العين ، يُرَى مُخُّ سوقهن من وراء العظم واللحم».

سلامة الصدر ونقاء القلب من سمات الأنبياء والمرسلين

أطهر الناس قلوبًا، وأحسنهم سريرة، وأسلمهم صدورًا: أنبياء الله ورسله، الذين أحبوا الخير لأقوامهم وأممهم،

وبذلوا كل غالٍ ونفيس في نصحهم وإرشادهم، وتعليمهم وهدايتهم؛

قال سبحانه عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام: "أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (الشعراء:106 /109).

وقال تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام: "وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ . إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم"(الصافات-83/84).

أما نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد منَّ الله عليه بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس؛

فقال سبحانه: "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ . وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ . الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ . وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"(الشرح-1/4).

ففي سلامة الصدر: صدق الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان أسلم الناس صدرًا،

وأطيبهم قلبًا، وأصفاهم سريرة، وشواهد هذا في سيرته كثيرة؛

فلقد أوذي صلى الله عليه وسلم أشدَّ ما تكون الأذيَّة في سبيل تبليغ دعوته للناس أجمعين،

وما منعه أن ينتقم من أعدائه حين مكنه الله منهم إلا أنه سليم الصدر؛ يحب الخير لأمته، ويكره لها السوء والبلاء.

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:

هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛

إذ عرضت نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي،

فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني،

فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك،

وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملَك الجبال، فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد،

فقال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشبين،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا".

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم

يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدمَوْه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: "اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون".

سلامة الصدر من سمات الصالحين المتقين

ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروعَ الأمثلة في سلامة القلوب ، وطهارة الصدور،

فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب؛ فلقد كانوا رضي الله عنهم صفًّا واحدًا، يعطف بعضهم على بعض،

ويرحم بعضهم بعضًا، ويحب بعضهم بعضًا، كما وصفهم الله جل وعلا بذلك؛

حيث قال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9].

ولقد كانت سلامة الصدر لدى الرعيل الأول ميزان التفاضل بينهم؛ يقول إياس بن معاوية بن قرة عن أبيه،

في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كان أفضلهم عندهم -يعني: الماضين- أسلمهم صدرًا، وأقلهم غِيبة"

وقال سفيان بن دينار لأبي بشر أحد السلف الصالحين: "أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟

قال: كانوا يعملون يسيرًا، ويؤجرون كثيرًا، قال سفيان: ولِمَ ذاك؟ قال أبو بشر: لسلامة صدورهم".

وعن زيد بن أسلم أنه دخل على ابن أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقال له: ما لكَ يتهلَّلُ وجهك؟

قال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين، أما إحداهما: فكنت لا أتكلم بما لا يعنيني، وأما الأخرى: فكان قلبي للمسلمين سليمًا".

إنها قلوب تسامت عن ذاتها، وتعالت عن حظوظها، وتغلبت على نزواتها وشهواتها.

فأين من هؤلاء من يحسد إخوانه على ما آتاهم الله من فضله؟

وأين من هؤلاء من ملأ قلبه غيظًا وحقدًا على إخوانه لأتفهِ الأسباب؟

وأين من هؤلاء من يحمل على أخيه بُغضًا في قلبه وكراهية لمجرد أنه نسي دعوته إلى وليمة؟

وأين من هؤلاء من يحمل على أخيه لكلمة خرجت من غير قصد، فيحملها على الشر وهو يجد لها في الخير محملاً؟

وأين من هؤلاء مَن يتميَّزُ غيظًا على أخيه؛ لأنه سبقه إلى وظيفة؟

وأين من هؤلاء من لا يكاد يصفو قلبه لأحد؛ فهو يحسد هذا، ويحقد على ذاك،

ويغضب على الثالث، ويسيء الظن بالرابع، ويتهم الخامس، وهكذا؟

عناية الإسلام بسلامة الصدر

إن سلامة الصدور وصفاء القلوب من أهم ما ينبغي على كل مسلم أن يولِيَه اهتمامه وعنايته؛

إذ كيف ينجح المربي إن لم يحمل صفاء القلب ونقاء المشاعر؟!

وكيف يتلذذ بمناجاة الله من لم يصفِّ قلبه تجاه إخوانه المسلمين؟!

أم كيف يرجو التوفيق من امتلأ قلبه ضغينة على إخوانه المسلمين؟!

والحق أنه يستحيل قيام حضارة سليمة على قلوب عليلة،

وأنه ما لم تستقم الضمائر وتصفُ النيات، فلن تصلح الأحوال، ولن تنجح الحضارات ولا الدعوات.

ولذلك فقد حرص دين الإسلام حرصًا شديدًا على أن تكون الأمة أمةً واحدة في قلبها وقالبها،

تسودها عواطف الحب المشترك، والود الشائع، والتعاون على البر والتقوى،

والتناصح البنَّاء الذي يثمر إصلاح الأخطاء، مع صفاء القلوب وتآلفها، دون غل ولا حسد،

ولا كيد ولا بغي؛ قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10]؛

فالأخوة الإيمانية تعلو على كل خلاف مهما اشتدت وطأته، وبلغت حدته.

وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام».

عباد الله، ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مبرَّأً من وساوس الضغينة،

وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها، وأحس بفضل الله فيها، ولسانه يلهج بذكر الله،

قائلاً: "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك؛ فلك الحمد ولك الشكر"،

وإذا رأى أذًى يلحق أحدًا من خلق الله رثى له، وتألم لألمه، ودعا له بدعوة الخير بظهر الغيب،

ورجا الله أن يفرج كربه، ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم هادئَ البال، طاهر القلب، سليم الصدر،

راضيًا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد والكراهية؛

فإن فساد القلب بالضغائن داءٌ عضال، وما أسرع أن يتسرب الايمان من القلب المغشوش،

كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على طاعته، وأن يرزقنا صدورًا سليمة، وقلوبًا مطمئنة.

أسباب سلامة الصدر

إن سلامة الصدر خَصلة من خصال البر عظيمة، غابت رسومها، واندثرت معالمها، وخَبَتْ أعلامها،

حتى غدتْ عزيزة المنال، عسيرة الحصول، مع ما فيها من الفضائل والخيرات.

: ومن أراد أن يكون سليم الصدر، سليم القلب، فليأخذ بأسباب سلامة الصدر وطهارة القلب، ومنها

.التعلق بالله سبحانه وحده دون أحد سواه؛ فهو مصرف القلوب، ومدبر الأمور -

طاعته والاستجابة لأمره؛ قال سبحانه -

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْء وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون} [الأنفال:24]،

وقال عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام:125].

الإقبال على الله بالتضرع والدعاء -

فمن أسباب سلامة الصدر: أن تلهج بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يجعل قلبك سليمًا من الغِلِّ والضغينة والحقد والحسد؛

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10].

الإقبال على كتاب الله الذي أنزله شفاءً لما في الصدور -

قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57]، فكلما أقبل العبدُ على كتاب الله تلاوة وحفظًا، وتدبرًا وفهمًا يشفي الصدور ، ويسلم القلب

إفشاء السلام بين المسلمين -

فالسلام عنوان المحبة والإخاء، وبرهان الصفاء والنقاء؛ ففي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».

الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين -

فقد قال الله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة :103

وقال سبحانه: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى . الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل:17،18]؛ أي: يتطهر مِن الذنوب والعيوب.

إصلاح ذات البَيْن -

فلا ينبغي ترك المشاكل تتكاثر، والصراعات تتفاقم، والعداوات تدوم حتى توغر الصدور،

وتملأ القلوب حقدًا وكراهية وبغضاءَ؛ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات:10

إنَّ القلوبَ إذا تنافَر وُدُّها * مِثلُ الزجاجةِ كسرُها لا يُجبَرُ

:حسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل -

فإن سوء الظن بالناس مما يغرس الحقد والكراهية في النفوس؛ لذا حرمه الإسلام واعتبره كذبًا وإثمًا؛

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12]،

:وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إياكم والظن؛ فإن الظن أكذبُ الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا،

.ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا

قال عمر رضي الله عنه: لا تظننَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.

التماس الأعذار، وإقالة العثرات، والتغاضي عن الزلات -

يقول ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء، فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد، فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه.

تأنَّ ولا تعجل بلومك صاحبًا * لعل له عذرًا وأنت تلومُ

وتذكر يا عبد الله أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات.

:محبة الخير للمسلمين -

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال:

لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه" , فالقلب لا يكون سليمًا إذا كان حقودًا حسودًا، معجَبًا متكبرًا"

أخرج البيهقي والطبراني عن ابن بريدة الأسلمي، قال: شتم رجل عبد الله بن عباس، فقال ابن عباس رضي الله عنهما:

إنك لتشتمني وفيَّ ثلاث خصال؛ إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم منها،

وإني لأسمع بالحاكم مِن حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به،

ولعلي لا أقاضي إليه أبدًا، وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح وما لي به من سائمة؛

.أي: من دابة ترعى في المراعي ولا تعلف

:الرضا بما قسم الله وقدر -

فإن العبد إذا أيقن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة رضي بحاله، ولم يجد في قلبه حسدًا لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه؛

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى مَن أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم؛ فهو أجدرُ ألا تزدروا نعمة الله عليكم»؛ فالمرء إذا نظر إلى من هو فوقه ممن فُضِّل عليه في الدنيا استصغر ما عنده من نِعَم الله، فكان سببًا لمقته،

وإذا نظر إلى من هو دونه شكر النعمة وتواضع وحمد ربه، وكان ذلك سببًا لسلامته ونجاته؛

قال سبحانه: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:131].

فمَن رضي بقضاء الله لم يُسخِطه أحد، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسَد؛

فليجاهد المسلم نفسَه على دفع الخواطر الداعية إلى الحسد فإن الحسد مِن أخبث الذنوب التي تصيب القلوب وتوغر الصدور

:اجتناب أسباب التشاحن والتباغض -

من غضب وحسد، ونميمة وزور، وتنافس على الدنيا؛ فإنما هي أمراض يلقيها الشيطان في القلوب

لتمتلئ حقدًا وبُغضًا وكراهية، وقد حذرنا الله سبحانه مِن كيد الشيطان ونزغه؛

فقال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة:91]،

وقال عز وجل: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء:53].

فوائد سلامة الصدر

وهذه بعض من فضائل سلامة الصدر وفوائدها؛ عسى أن تكون محفِّزة لنا على الأخذ بها والحرص عليها؛

فإنه قبل الرماء تملأ الكنائن.

:سلامة الصدر من أسباب النصر على العدو