top of page

تركستان الشرقية

‏‎ تركستان الشرقية

‏‎تلك الأراضي الواقعة في آسيا الوسطى ويقطنها الأتراك وتسميها كل من الصين وروسيا بأسماء مختلفة حسب أهوائها السياسية وهي نفس البلد التي تسمى “تركستان” فى المصادر الإسلامية وتركستان مصطلح تاريخي يتكون من مقطعين “ترك” و”ستان”، ويعني أرض الترك .

‏‎“تركستان الشرقية” الخاضعة الآن للصين، وتُعرف باسم مقاطعة “سكيانج”، يحدها من الشمال الغربي ثلاث جمهوريات إسلامية هي: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان، ومن الجنوب: أفغانستان وباكستان، ومن الشرق أقاليم التبت الصينية: وهي من أكبر أقاليم الصين.

‏‎وتبلغ مساحة تركستان الشرقية 1660 مليون كم2 حيث تأتي فى الترتيب التاسعة عشر بين دول العالم من حيث المساحة إذ تعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا وتشكل خمس المساحة الإجمالية للصين.

‏‎تركستان والإسلام:

‏‎دخل الإسلام في تركستان الشرقية في القرن الرابع الهجري، حيث تحول التركستانيون إلى الإسلام تحت قيادة زعيمهم “ستوق بغراخان خاقان” رئيس الإمبراطورية القراخانية عام (323هـ/ 943م)، فأسلم معه أكثر من مائتي ألف خيمة (عائلة)، أي ما يقارب مليون نسمة تقريبًا. وللقرخانيون دور بارز في نشر الإسلام في تركستان الشرقية ففي سنة (435هـ/ 1043م) استطاعوا إقناع أكثر من عشرة آلاف خيمة من خيام القرغيز بالدخول في الإسلام، وعرفوا هم وقبائل التغز والغر السلاجقة والعثمانيون بجهادهم ودفاعهم عن الإسلام في معاركهم ضد القبائل الوثنية التي كانت تعادي الدعوة الإسلامية في تركستان الشرقية، ومن أشهر المعارك الفاصلة بين الأتراك المسلمين وغير المسلمين موقعة “طراز”، وهي المدينة التي انتصر على أبوابها القائد المسلم “زياد بن صالح” سنة (134هـ/ 751م)، وساندت الإمبراطورية الصينية الأتراك غير المسلمين بجحافل من القوات الصينية حيث نجد أن الإمبراطورية الصينية لم تستطع إخفاء كرهها الدفين لانتشار الدعوة الإسلامية في أراضي تركستان الشرقية وهذا ما يعاني منه الآن المسلمون هناك من فناء وتعسيف واستهداف دينهم واقتصادهم وكيانهم وتهجيرهم بالإجبار وعدم الاعتراف بحقوقهم.

معاناة تركستان وثوراتها

ذكرنا تاريخ دخول الإسلام في تركستان أما عن بداية معاناة المسلمين فيها فقد كانت بدايتها عام 1644م إذ بدأت فيها أسرة “مانشو” الحاكمة في حملة من الاضطهاد والعذاب للمسلمين في الصين، اضطر معها المسلمون إلى رفع السلاح وعانوا من مذابح غير آدمية وإبادات جماعية وكل هذا يحدث خلف أسوار الصين أثناء غفلة العالم الإسلامي.

استولت الصين على تركستان الشرقية عام 1760م بعد ضعف أهلها وقتلت الصين وقتها ما يقارب المليون مسلم. وألغت الصين نظام البكوات الذي كان قائما آنذاك وقامت الصين بتوحيد ولايات تركستان في ولاية واحدة، ثم بدأت بنقل أعداد كبيرة من الصين إلى تركستان فيما يعرف سياسيا باسم “تصيين تركستان الشرقية” محاولة منها في إلغاء الكيان التركستاني والقضاء على الإيجور، وقامت تركستان بالعديد من الثورات ضد الصين منها:

ثورة جنقخ: التي استمرت لمدة سنتين.

وثورة 1855: التي استمرت عشرين سنه بقيادة “يعقوب بك” تمكن التركتستانيون من الحصول على الاستقلال عام 1865 م ولم تلبث فرحتهم طويلا حيث استطاعت الصين احتلالهم مرة أخرى سنة 1875م فى صمت تام من العالم الإسلامي.

ثورة 1931 م: حينما أبدى المسلمون الاعتراض على تقسيم المنطقة التي يحكمها “شاكر بيك” إلى وحدات إدارية وقام رئيس الشرطة بالاعتداء على امرأة مسلمة فاستشاط المسلمون غضبا وتظاهروا بإقامة حفل على شرف رئيس الشرطة وقتلوه هو وحراسه وقد كانت ثورة عارمة؛ إذ استطاع المسلمون أن يستولوا على مدينة “شانشان ” وسيطروا على “طرفان” وعندما أرادت الصين تهدئة الأوضاع قامت بعزل الحاكم العام بعدما سيطر المسلمون على “اورمتشى” قاعدة تركستان الشرقية وقاموا بعزل الحاكم بأنفسهم ووزعوا المناصب على أنفسهم فما كان للصين إلا أن تعترف بسلطتهم على المراكز التي تسلموها.

واشتعل فتيل الثورة في جميع نواحي تركستان حيث أعلن العديد من زعماء الحركة الثورية تمردهم واستولوا على مدنهم وذهبوا إلى “كاشغر” حيث كان “ثابت داملا” وأراد أن يعلن قيام حكومة كاشغر الإسلامية.

أما “خوجانياز” فقد جاء إلى ثائري كاشغر ليفاوضهم وينهى ثورتهم فأقنعوه بعدالتها وانضم إليهم وأعلن قيام حكومة “جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية” في 12 نوفمبر 1933م خوجانياز رئيسا لها وثابت داملا رئيسًا لمجلس الوزراء. ولكن، كعادة الصين لم تترك تركستان تنعم بحريتها كثيرا حيث أسقط التحالف الصيني الروسي هذه الجمهورية وقام بإعدام جميع أعضاء الحكومة مع عشرة آلاف مسلم، وحصل الروس مقابل مساعدتهم للصين على حق التنقيب عن الثروات المعدنية، والحصول على الثروات الحيوانية، واستخدام عدد من الروس في الخدمات الإدارية في تركستان الشرقية وكان هذا في أغسطس 1937م.

وحصلت تركستان الشرقية على الاستقلال الذاتي عام 1946م واستطاعت أن تمسك زمام أمرها خلال الحرب العالمية الثانية حيث أُنشئت المطابع والمدارس. ولكن، بعد انتهاء الحرب العالمية تعرضت تركستان لهجمة القوات الصينيه الشيوعيه عام 1949م ومن هنا بدأت تركستان في المعاناة بحق!.

تركستان تحت الاحتلال الشيوعي

تزعم الصين أنها أعطت لتركستان حق الحكم الذاتي ولكن بالنظر في تعداد السكان الصيني والتركستاني داخل تركستان على مدار سنوات المعاناة نجد أنه عند بداية الاحتلال 1949م كان تعداد الصينين لا يزيد عن نسبة 6% داخل تركستان أى ما يقارب 600 ألف نسمة، وكان عدد المسلمين آنذاك حوالي 2.3 مليون مسلم أما بعد استمرار سيطرة الصين وتهجير آلاف الصينين إلى تركستان ومحاولة القضاء على الإيجوريين فنجد أن بعض المصادر ذكرت أن عدد الصينيين في تركستان قد تجاوز بالفعل الستة ملايين نسمة منذ عام 1992م؛ فنظام الاحتلال الصيني يرسل أعدادًا هائلة من العسكريين وعائلاتهم إلى المنطقة، ويشجع العاطلين من أبناء الصين على الهجرة والعمل في تركستان مع تقديم الحوافز المغرية لهم، وتهيئة المسكن، بل تعدى الأمر إلى إرسال الآلاف من المحكوم عليهم في قضايا سياسية أو جنائية؛ حتى بلغت نسبة الصينيين في بعض المدن الكبرى مثل “أرومجي” و”أقصو” و”قولجا” و”قورلا” و”التاي” و”قومول” و”بوريتالا” وغيرها نسبة 90% !! وهذا ما يؤكد كذب إدعاءات الصين وتزييفها للحقائق!

وعبر تلك السنوات تعرضت تركستان الشرقية للكثير من المذابح والاضطهاد الديني والظلم واستمرت ثوراتهم ضد القمع وطالما حاولت الصين إخفائها عن العالم مثل ثورة 1966م في مدينه “كاشغر”

حينما ذهب المسلمون لأداء صلاة عيد الأضحى فاعترضتهم قوات الصين وأقامت مذبحة بشرية ضدهم فاشتعلت الثورة في الإقليم وراح ضحية الإنسانية الصينيه ما يقارب 75 الف شهيد خلال شهر واحد.

وتستمر محاولات الصين في إخفاء ملامح تركستان الإسلامية حيث أعلنت الكثير من القرارات التعسفية ومنها اعتبار الإسلام خروج عن القانون! وإلغاء الملكية الفردية، وهدم المساجد أو اتخاذها أندية لهم، واستبدال التاريخ الإسلامي بتعاليم “ماواتسي تونج” وجعل اللغة الصينية هي اللغة الرسمية، ومنعهم من السفر، وبيان تحديد النسل وغيرها من الوسائل غير الآدمية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على ما تكن به نفوسهم من حقد وبغض لتعاليم الدين الإسلامي، وطمع في ما تملك تركستان من مميزات.

محاولات الصين في اخفاء ملامح تركستان الاسلامية

بيان تحديد النسل

أرادت الصين أن تحد من زيادة أعداد الإيجوريين المسلمين لذلك قامت بإصدار بيان غير آدمي لتحديد النسل وفيه فرضت العقوبات على المخالفين والمقصرين من الجهات الإدارية المحلية بالتشهير بأسمائهم وإقصائهم وكذلك وقعت أقصى العقوبات على من اعترض على تلك السياسة من العلماء، وكذلك خصصت 20% من دخل القرى لتلك الحملات فبدلا من تخصيصه في التطوير والإنتاج استخدمته السلطات في القضاء عليهم ؛ وكنتيجة متوقعة وطبيعية من الإيجوريين ساد الغضب والسخط على ما يلاقون من تعسف وظلم بيِن فكما أعلن أحد الإيجوريين _بعدما وصل إلى ألمانيا بعد طلبه للجوء السياسي_ أن مجموعة من قوات المجاهدين في حزب الإصلاح الإسلامي السري في تركستان الشرقية قاموا بتفجير كل من مقر تحديد النسل في بلدة “توقسو” وجسر “طاشيول” الواقع بين “كاشغر” و”أورومجي”، ومبنى محكمة التفتيش بولابة “آقسو” في آنٍ واحد وذلك في الساعة العاشرة صباح 18 يوليو 1994م , وكانت هذه التفجيرات انتقامًا لما حدث مع تلك السيدة الإيجورية التي مضى على حملها _غير القانوني على حد قولهم تسعة أشهر فطالبوا زوجها بغرامة تزيد عن مقدرته فأرغموه على بيع مواشي كان يستعملها في زراعة القمح وهرب زوجها خارج البلدة وهي استطاعت أن تهرب من أيدي مسئولي الحملة وذهبت إلى المقابر ووضعت وليدها واستطاعت أن تحافظ عليه حيا. ولكن، بعد بحث الجهات الأمنية عنها استطاعوا أن يجدوها وذهبوا بها إلى مركز الفحص وهناك قامت مديرة المركز بقتل الطفل أمام عيني أمه التي توفيت بعد إصابتها بالانهيار.

ومن وسائل الصين أيضا لفرض سيطرتها على تركستان منعها لسفر الشباب إلى خارج البلاد خوفا من انضمامهم للمؤسسات الحقوقية التي تندد وتشجب أفعال الصين.

أما عن محاربة الدين صراحة أنه بدأت الصين في تطبيق سياسة منع المسلمين من الصلاة في المساجد ومنع تعليم الدين الإسلامي ومن ذلك ما حدث في مدينة “غولجة” في ليلة السابع والعشرين من رمضان 1417ه/1997م عندما وقف رجال المباحث والاستخبارات والشرطة أمام أبواب المساجد يمنعون الشباب والنساء من دخول المساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد، فاشتبك المسلمون معهم، واندلعت ثورة عارمة في “غولجة” التي تقع في شمال البلاد، وتدخل الجيش الصيني لضرب هؤلاء المسلمين العُزَّل، فقتل منهم أكثر من 300، واعتقل نحو 10 آلاف مسلم.

ولا يقتصر الأمر على الاضطهاد الديني فقط، بل بلغ حد سيطرة المستوطنين الصينيين على أمور هذا البلد المسلم؛ فحسب قول أحد الباحثين:

معظم كبار الموظفين وكل قوّاد الجيش من الصينيين الذين عيّنتهم بكين؛ فالصينيون يسيطرون على كل الصناعات الرئيسية ومراكز الاستثمار الاقتصادي لتحقيق متطلبات السلطة المركزية، وأما أغلب المسلمين المحليين فهم في مهنهم التقليدية في الزراعة والرعي، وفرص العمل لهم في المجالات الأخرى محدودة جدًّا، إضافة إلى أن الثروات تصدر إلى الصين، ثم تستورد منها مصنوعات غالية الثمن

كيف نساعد تركستان

ما نستطيع أن نقدمه لتركستان

•على مستوى الحكومات

تستطيع الحكومات المتصلة بالحكومة الصينية أن تشكل ضغط عليها للحد من القمع والظلم الذي يلقاه كل مسلم إيجوري هناك، ومحاولة الوصول إلى اتفاقيات لينعم المسلم هناك بما يستحق من حياة آدميه كريمة، كذلك يمكن للحكومات أن تعزز الاتصال الثقافي الإسلامي بين بلادها وتركستان الشرقية مثل الأزهر في مصر.

_وهذا في حالة وجود حكومة إسلامية تهتم لأمر المسلمين!

•أما على مستوى الشعوب

فيجب علينا أن نقف قلبا وقالبا مع قضايا المسلمين في أنحاء العالم فنجد أن قضية تركستان لا تقل أهميه عن قضايا فلسطين والعراق يجب علينا ألا ينقطع دعاءنا لهم بالنصر وفك الكرب كذلك وجب علينا نشر الوعي بقضاياهم وما يلاقوه من معاناة عن طريق الوسائل الإعلامية والفعاليات لدعم القضية والتعريف بها ومقاطعة المنتجات الصينية على قدر الممكن حيث أن الدول الإسلامية والعربية تشكل جانبًا كبيرًا جدا من السوق الصينية، إنشاء صندوق تبرع لدعم قضيتهم أو إرسال التبرعات لهيئات الإغاثة، وتهيئة النفوس للجهـاد والمقاومة.

وأخيرًا وليس آخرا نسأل الله لهم النصر القريب ونسأله أن يهلك الظالمين في كل بقاع الأرض وحسبنا الله ونعم الوكيل.

مواضيع سابقة
bottom of page