لماذا الحديث عن القلب وما أهميته؟

يكتسب الحديث عن القلب أهمية خاصة ، لعدة أمور أجملها فيما يأتي: أولاً: أن الله سبحانه وتعالى أمر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله سبحانه وتعالى من غايات الرسالة المحمدية تزكية الناس، وقدمها على تعليمهم الكتاب والحكمة لأهميتها، يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ثانيًا: أثر هذا القلب في حياة الإنسان فهو الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده". ثالثًا: ومن الأسباب الجوهرية للحديث عن هذا الموضوع غفلة كثير من الناس عن قلوبهم. رابعًا: أن كثيرًا من المشكلات بين الناس، وبالأخص بين طلبة العلم، سببها أمراض تعتري القلوب، ولا تبنى على حقائق شرعية، فهذه المشكلات تترجم أحوال قلوب أصحابها. خامسًا: إن سلامة القلب وخلوصه سبب لسعادة الدنيا والآخرة، فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سبب للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89]. سادسًا: يقول الإمام عبد الله بن أبي جمرة. "وددت أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، فما أتي كثير ممن أتي إلا من قبل تضييع ذلك. سابعًا: ما أعطي الله لهذا القلب من مكانه في الدنيا والآخرة. ثامنًا: أن أقوال القلب وهي تصديقاته وإقرارته، وأعماله وحركاته من: خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها هي أعظم أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلفها يتخلف الإيمان. تاسعًا: أن كثيرًا من الناس جعلوا جلّ همهم تفسير مقاصد الناس، وتحميل تصرفاتهم ما لا تحتمل، وتجاهل الظاهر، وترتيب الأحكام على تنبؤ عمل القلوب، مما لا يعلمه إلا علام الغيوب، أنواع مما يطرأ على القلب من العلل والأدواء والأمراض وهذه المضغة الصغيرة (القلب) أمرها عجيب، وما شبه هذا القلب إلا بالبحر، نراه في الظاهر رؤية سطحية، لكنه في الحقيقة عالم بحد ذاته، ففيه من أنواع الحيوانات والنباتات العجيبة ما حير علماء البحار. وهكذا القلب، فإن من تأمله حق التأمل وجد أن أمره مثير للعجب بما يحصل له من أحوال وانفعالات، وبما يتباين فيه الناس من أحوال ومقامات وصفات، وهذا غيض من فيض في عالم هذا القلب الصغير الكبير. وهذه إشارات قرآنية لبعض ما يطرأ على القلب من علل وأدواء، فمن ذلك: الغفلة، العمى، الزيغ، التقلب، الاشمئزاز، الإقفال، القسوة، اللهو، الرياء، النفاق، الحسد.. وهلم جرّا