نظرية الأوتار الفائقة

نظرية الأوتار الفائقة...
في البداية،... النظريتان اللتان يعتمد عليهما الفيزيائيين في فهم سير الكون بما يحمل بشكلٍ عام،... هما «النظرية النسبية العامة لألبرت آينشتاين،.. وميكانيكا الكم»...
الأولى تُقدم شرحاً نظرياً لفهم عالم الأحجام أو الأبعاد الكبرى في الكون... مثل «الكواكب،.. النجوم،.. المجرات،.. عناقيد المجرات أيضاً،.. وحتى المدى وراء الكون نفسه،.. والقوى التي تُحرّكها»...
أمّا النظرية الثانية؛.. فتقدم فهماً أكثر لعالم مُتناهي الصغر في المادة؛.. وهو عالم الذرّات والجسيمات.. والعالم دون الذرّي أيضاً...
فكلتا النظريتان تقدمان شرحاً مُنفصلاً لعالمين مُختلفين تماماً،.. لذا ليس بمقدور أيّ من الفيزيائيين أن يدمجهما سوياً،.. أو تطبيقهما معاً... فلكل نظرية طريقة سير وقوانين تختلف تماماً عن الأخرى،.. والأكثر من ذلك أن تطبيق إحداهما ينفي الأخرى.. بحيث تكون واحدة فقط هي الصحيحة...
هذا التوتر والتناقض في وصف المادة المُكوّنة جميعها من ذرّات،.. كان لا بد له أن ينتهي،.. وأن تُوجد نظرية فيزيائية صحيحة مُوحدة تستطيع دمج هاتين النظريتين دون أخطاء..
فكانت « نظرية الأوتار الفائقة – Superstring Theory ».. هذه النظرية التي أتت لتضع حلّاً لذلك التناقض،.. بل تعتمد صحة قبولها،.. وتطبيقها على تطبيق كلّ من ميكانيكا الكم والنسبية معاً..
وإذا ما نظرنا لطريقة سير الكون؛. فالأشياء سواءً أكانت في عالم الأحجام الكبيرة،.. أو في العالم مُتناهي الصغر؛.. فهناك قوى رئيسية تحكمها ومسؤولة عنها؛.. تُعرَف بالقوى الطبيعية الأربع؛.. وهُي «القوة النووية الشديدة،.. القوة الضعيفة،.. الجاذبية،.. والقوة الكهرومغناطيسية»..
واكتشف علماء الفيزياء سمتين تُميزان هذه القوى الأربع؛... وهي:
* السمة الأولى:... إذا ما نظرنا للقوى على المستوى الميكروسكوبي،.. فهذه القوى لها جُسيمات مُترافقة معها يمكن اعتبارها الحزمة الصغرى لها..
القوة الكهرومغناطيسية على سبيل المثال؛... حزمتها الصغرى عبارة عن فوتونات متمثلة في أشعة الليزر...
والقوى القوية والضعيفة؛.. مكوناتها الصغرى عبارة عن جسيمات يطلق عليها اسم «غليونات – Gluons،.. وبوزونات قياسية ضعيفة – Weak Gauge Boson»...
* السمة الثانية:.. هي أن تلك القوى تُشبه الكتلة في تحديد كيف تؤثر الجاذبية في الجسيمات.. وأيضاً تشبه الشحنات الكهربائية في تحديد كيف تؤثر القوى المغناطيسية فيها..
نظرية الأوتار الفائقة…
فكرتها الأساسية ترتكز على أننا لو فحصنا أي جسيمات بدقة تزيد أضعافاً مُضاعفة عن فحوصاتنا المعهودة،.. فإننا سنرى أن هذه الجسيمات ليست مُجرد نقطة،.. بل أصغر من ذلك بكثير.. ومُكوّنة من أُنشوطة أُحادية البُـعد..
وتتكون كل جُسيمة من فتيلٍ يتذبذب ويهتز ويتراقص كحلقةٍ من المطاط نحيفة جداً.. لذا أُطلق على هذه الأنشوطة اسم «الوتر- String»...
كيف تُنتج الأشياء من أوتارٍ مهتزة؟؟؟؟..
وفقاً للنظرية؛.. تظهر أن الخواص التي تظهرها الجسيمات ما هي إلا انعكاس للطرق المختلفة التي يمكن أن يتذبذب بها الوتر..
ولتبسيط الفكرة؛... فلنأخذ على سبيل المثال أوتار آلة الكمان الموسيقية.. ، أو البيانو والتي لها ترددات محددة تتذبذب عندها فقط.. فعندما تهتز هذه الترددات تصل إلى آذاننا كأنساق نسمعها في هيئة نوتات موسيقية إيقاعية،.. كذلك هو حال الأنشوطات الأُحادية في نظرية الوتر..
فكل نسق من الأوتار المتذبذبة؛.. تظهر في شكل جُسيمة تتحد كتلتها وقوة شحنتها بواسطة نسق اهتزازات الوتر.. فالإلكترون وتر يتذبذب بطريقة واحدة، والكوارك وتر يتذبذب بطريقة أخرى،.. وهكذا كافة الجسيمات..
وبهذا فإن النظرية إستطاعت توحيد قوى وجسيمات الطبيعة بشكل واحد مذهل.. فالبروتونات والنيوترونات والالكترونات التي تتكون منها الذرات.. تتكون من أجزاء أصغر هي الكواركات،.. تلك الكواركات التي كان يعتقد أنها مادة.. هي وبحسب نظرية الأوتار.. عبارة عن أوتار أو خيوط صغيرة جداً من الطاقة تهتز بعدة اتجاهات وطرق.. كل وتر من هذه الأوتار حجمه صغير جدا مقارنة بالذرة،.. وكل اهتزاز معين لتلك الأوتار يعطي الجسيم خصائص مختلفة.. فقد يشكل الاهتزاز جزيئا مكونا لذرات المادة أو الطاقة أو الجاذبية...أي أن كل ما في هذا الكون.. من مادة.. أو طاقة.. أو شحنات.. هي في الواقع أوتار.. لكنها مهتزة بطرق مختلفة.. والفرق الوحيد بين الجسيمات التي تكون مادة الخشب.. والجسيمات التي تظهر كطاقة الجاذبية.. هي طريقة اهتزاز تلك الأوتار فقط،..
كانت نظرية الأوتار الفائقة حلقة الوصل بين ميكانيكا الكم.. والنظرية النسبية.. لأنها تلغي الفروقات بينهما بناء على طبيعة الأوتار وخصائصها،..
والكون الفوضوي على المستوى الكمي.. يصبح أقل فوضوية.. وأقرب إلى الكون الكبير على مستوى الأجرام السماوية.. ، وهو نصر كبير لعلماء الفيزياء النظرية..
ولكن ماذا عن الأبعاد في نظرية الأوتار الفائقة...
نتابع في العدد القادم باذن الله تعالى..
ويكيبيديا الموسوعة الحرة ..