وما بكم من نعمة فمن الله

"وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ? ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ" (النحل-53).
"أمدَّنا الله سبحانه بهذه النعم رحمة منه وفضلاً.. نِعَم تترى لا تُعَد ولا تُحْصَى،
ولكن لرتابة النعمة وحلولها في وقتَها يتعوّدها الإنسان، ثم يذهل عن المنعم سبحانه.
فمثلا الولد الذي يستلم مصروفه مثلاً كل أول شهر، تجده لا يحرص على أنْ يلقاك بعد ذلك إلا كل أول شهر،
إنما إذا عوَّدته أن يأخذ مصروفه كل يوم تراه في الصباح يحوم حولك، ويُظهِر لك نفسه ليُذكِّرك بالمعلوم.
فرتابة النعمة قد تُذهِلك عن المُنعِم، فلا تتذكره إلا حين الحاجة إليه؛ لذا يُنبِّهنا الحق تبارك وتعالى فما أعطيتُكم من نعمة فإياكم أنْ تغتروا بها..
إياكم أن تُذهِلكم النعمة عن المنعم؛ لأنكم سوف تحكمون على أنفسكم أنه لا مُنعِم غيري،
بدليل أنني إذا سلبْتُ النعمة منكم فلن تجدوا غيري تلجأون إليه فستقولون: يا ربّ يا ربّ رحمتك !!
فستكون شاهداً على نفسك، لن تكذب عليها، فَلِمَنْ تتوجّه إذا أصابك فقر؟
ولمن تتوجَّه إذا أصابك مرض؟
لن تتوجّه إلا إلى الله تقول: يا رب يالله !!
"ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ?لضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ "(النحل-53).
فترة الضُّر التي تمرُّ بالإنسان هي التي تلفته إلى الله، والحاجة هي التي تُلجئه إلى المصدر الحقيقي للإمداد،
فإذا كانت النعمة قد تُذهِله وتُنسِيه، فالضر يُذكِّره بربّه الذي يملك وحده كَشْف الضر عنه.
ولذلك، فالناس أصحاب اليقين في الله تعالى ساعةَ أنْ يصيبهم ضُرٌّ، يقول: ذكَّرتني بك يا ربّ، يأخذها على أنها نعمة..
كأنها نجدة نجدتْه مما هو فيه من غفلة.. يا ربّ أنت ذكّرتني بك.. أنا كنتُ ناسياً ذاهلاً.. كنت في غفلة...
وساعةَ يعودَ ويشعر بالتقصير يرفع الله عنه البلاء؛ وذلك يُرفع القضاء عن العبد إنْ رضي به وعلم أن فيه خيراً له.
(الشعراوي ).
وهذا يعني ان كل ما لدينا من نعيم من مال وذهب وقصة وبنين وأزواج واراضي ودواب وعقارات
وتجارة وطعام وشراب ولباس وجواهر وحرير وحلي وغيرها هي ليست لنا أصلا نحن ...اليس كذلك ؟
هي لله وحده أنعمها علينا ان شاء اخذها وان شاء أبقاها باذنه ورحمته!!
فنحن لا نملك شيئ قط وكل ما يايلزمنا في الدنيا ..
من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"
( حسن صحيح).
هذا تحتاج والباقي من النعم يابن ادم .
"ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" (التكاثر -8).
"قال: يا رسول الله، إنا لمسئولون عن هذا؟ قال:
" نَعَمْ، إلا مِنْ كِسْرَةٍ يُسَدُّ بِها جَوْعَةٌ، أوْ حُجْرٌ يُدْخَلُ فِيه مِنَ الحَرِّ والقَرِّ" (صحيح ).
وكان صلي الله عَلِيه وسلم قد أكل حبات من التمر في بيت احد أصحابه بعد ان كان اخرجه الجوع من بيته
هو وصاحباه ابو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما "
فماذا نقول لاطنان الطعام والشراب التي ترمي في الزبالة وكيف سوف نحاسب عليها عند الله من النعيم ؟؟!