واصبر وما صبرك آلا بالله

"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ? وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ" (النحل -127).
"وَاصْبِرْ" وليأتمر الجميع بأمر الله، بعد أنْ قدَّم لهم الحيثيات التي تجعل الصبر شجاعة لا ضعفاً،
كمَا يقولون في الحكمة: من الشجاعة أنْ تجبُنَ ساعة.
فإذا ما وسوس لك الشيطان، وأغراك بالانتقام، وثارت نفسُك، فالشجاعة أنْ تصبر ولا تطاوعهم ،
فان من حكمة الله ورحمته أنْ جعلك تصبر على الأذى؛ لأن في الصبر خيراً لك، والله هو الذي يُعينك على الصبر،
ويمنع عنك وسوسة الشيطان وخواطر السوء التي تهيج غضبك، وتجرّك إلى الانتقام ،
ويريدالله من عبده أن يتجه لإنفاذ أمره، فإذا علم ذلك من نيته تولّى أمره وأعانه،
"وَ?لَّذِينَ ?هْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ "(محمد-17).
وإياك أن تعتقد أن الصبر من عندك أنت، فالله يريد منك أن تتجه إلى الصبر مجرد اتجاه ونية،
وحين تتجه إليه يُجنّد الله لك الخواطر الطيبة التي تُعينك عليه وتُيسِّره لك وتُرضيك به،
فيأتي صبرك جميلاً، لا سخطَ فيه ولا اعتراضَ.
والضيق: أن يتضاءل الشيء الواسع أمامك عما كنت تُقدِّره، والضيق يقع للإنسان على درجات،
فقد تضيق به بلده فينتقل إلى بلد آخر.
وربما ضاقت عليه الدنيا كلها، وفي هذه الحالة يمكن أنْ تسعه نفسه، فإذا ضاقتْ عليه نفْسه فقد بلغ أقصى درجات الضيق...
( الشعراوي-بتصرف ).
ولا تسعه الا اذا كانت هذه النفس موصولة بالله جل في علاه ونعم بالله عندها تطمان انه...
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ?للَّهُ وَ?للَّهُ خَيْرُ ?لْمَاكِرِينَ "(الأنفال-30).
وهو يعلم تماما ان الله مطلع على ضيقه وعلى أمره وانه يختبره بقسوة حنونة
ليعلم كم هو على الحق ثابتا وعلى دينه صابرا وعلي ربه متوكلا لله رب العالمين
صابر ومحتسب وقانع من غير تبرم ولا تضجر وتمعر ولا شكوي لغير الله وحده
عندها يأتي الفرج من غير حساب باْذن الله رب العباد المطلع علي كل القلوب والنوايا والاحوال في الحال والمحال باذنه .
فإليك يا ربناوحدك نشكوي حالنا لا نشكوه لأحد سواك
وانت الله رب العالمين فأقبلنا وارضي عنا وأعف عنا وعافنا وارفع عنا الحرج كله
أوله وآخره ظاهرة وباطنه عاجله وآجله ولَك الشكر والحمد وحدك . قولوا امين .