حقوق الاقارب

للقريب الذي يتصل بك في القرابة كالأخ والعم والخال وأولادهم، وكل من ينتمي إليك بصلة فله حق هذه القرابة بحسب قربه، قال الله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (الاسراء:26) وقال (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى) (النساء:36) فيجب على كل قريب أن يصل قريبه بالمعروف ببذل الجاه، والنفع البدني، والنفع المالي بحسب ما تتطلبه قوة القرابة والحاجة، وهذا ما يقتضيه الشرع والعقل والفطرة. وقد كثرت النصوص في الحث على صلة الرحم وهو القريب، والترغيب في ذلك، ففى الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:""إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت : بلى. قال: فذلك لك"" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""اقرأوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22-23) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"". وكثير من الناس مضيعون لهذا الحق مفرطون فيه، تجد الواحد منهم لا يعرف قرابته بصلة لا بالمال ولا بالجاه ولا بالخلق، تمضي الأيام والشهور ما رآهم ولا قام بزيارتهم ولا تودد إليهم بهدية ولا دفع عنهم ضرورة أو حاجة، بل ربما أساء إليهم بالقول ، أو بالفعل، أو بالقول والفعل جميعاً يصل البعيد ويقطع القريب. ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه ويقطعهم إذا قطعوه، وهذا ليس بواصل في الحقيقة وإنما هو مكافيء للمعروف بمثله وهو حاصل للقريب وغيره فإن المكافأة لا تختص بالقريب والواصل حقيقة: هو الذي يصل قرابته لله، ولا يبالى سواء وصلوه أم لا، كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "" ليس الواصل بالمكافي، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها"". وسأله رجل فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلى وأحلم عنهم ويجهلون على، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ""لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"" رواه مسلم. ولو لم يكن في صلة الرحم إلا أن الله يصل الواصل في الدنيا والآخرة فيمده بالرحمة، وييسر له الأمور، ويفرج عنه الكربات مع ما في صله الرحم من تقارب الأسرة، وتوادهم، وحنو بعضهم على بعض، ومعاونة بعضهم بعضاً في الشدائد، والسرور والبهجة الحاصلة بذلك كما هو مجرب معلوم، وكل هذه الفوائد تنعكس حينما تحل القطيعة ويحصل التباعد.