من مهام الملائكة تحريك بواعث الخير في نفوس العباد

وكّل الله بكل إنسان قريناً من الملائكة، وقريناً من الجنّ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة) ، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: (وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير) (2) . ولعلّ هذا القرين من الملائكة، غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله، قيَّضه الله له ليهديه ويرشده. وقرين الإنسان من الملائكة وقرينه من الجنّ يتعاوران الإنسان، هذا يأمره بالشر ويرغبه فيهي، وذاك يحثه على الخير ويرغبه فيه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأمّا لمة الشيطان، فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأمّا لمة الملك، فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد من ذلك شيئاً فليعلم أنّه من الله، وليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: (الشَّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مَّغفرةً منه وفضلاً والله واسع عليمٌ) [البقرة: 268] )) . ... ". وانظر إلى الحديث التالي كي تعرف كيف يتسابق القرين الجني والقرين الملكي على توجيه الإنسان، ذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أوى الإنسان إلى فراشه، ابتدره ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختم بشرّ، فإذا ذكر الله تعالى حتى يغلبه - يعني النوم - طرد الملك الشيطان، وبات يكلؤه. فإذا استيقظ، ابتدره ملك وشيطان، فيقول الملك: افتح بخير، ويقول الشيطان: افتح بشر، فإن قال: الحمد لله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها، ولم يمتها في منامها، الحمد لله الذي يمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده، الحمد لله يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه) (1) . وهذه الأحاديث توجهنا إلى الإكثار من الأعمال الخيرة التي تصلح نفوسنا، وتقرب الملائكة منّا، ففي قرب الملائكة منا خير عظيم. وقد سبق ذكر حديث ابن عباس الذي يبين فيه تأثير لقيا الرسول صلى الله عليه وسلم بجبريل في شهر رمضان، لمدارسته القرآن، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حين ذاك أجود بالخير من الريح المرسلة (1) .