مدخل الى عالم الالوان

الاهتمام بالألوان ظاهرة صحية، والشخص الذي يحب ويتابع تنسيق الألوان في منزله ومكتبه ومحيطه العملي أو الحياتي بشكل عام، هو إنسان بلا شك يحمل الكثير من الحيوية والثقافة والتنظيم. والاهتمام بالألوان انعكاس طبيعي لثقافة عالية تتجلى بالذوق الذي يعكس طبيعة الإنسان ونفسيته. الكثير من الناس يتعامل مع الألوان، ولكن بعضهم يتعامل معها بانطباع نفسي دون التمرس في القراءة أو المعرفة بماهية الألوان ومدلولاتها النفسية. بعضهم لا يدرك ما هي الألوان الأساسية أو الألوان الثانوية، أو الألوان المتعاكسة أو المتضادة وما هي الألوان المتكاملة والمتضامنة، وغير ذلك. واعتقد أنه من المفيد ان يكرس الانسان غير المتخصص جزءً من وقته لمعرفة ماهية الألوان ومدلولاتها النفسية ليساعده ذلك على اختيار الألوان وما يناسبها او يتنافر معها من ألوان ابتداءً سنشير الى انه هناك خطين رئيسيين للبحث عن درجة لونية أو اكثر قادرة على الانسجام الكامل مع أذواقنا. ******** كل انسان يفضل ويحبذ بعض الألوان وفي الوقت نفسه لا يحب او يرفض ألوانا اخرى. بالطبع، اختيار الألوان او رفضها وقبولها يعود الى اسباب متداخلة فيزيولوجية، نفسية، اجتماعية، دينية، رمزية، ذوقية. ومن الجدير ذكره ان للكل لون معنى نفسيا يتكون نتيجة لتأثيره الفيزيولوجي على الانسان. فيمكن القول أن الحالات النفسية والعاطفية قد تسبب عن آثار الألوان على الانسان. فالألوان مفرحة، مهدئة، مهيجة، محزنة، مشوشة، مقلقة، مؤملة، مخيبة وهكذا العوامل الاجتماعية كالآداب، السنن، التقاليد والعادات لها اثرها في اختيار وتفضيل اللون. فالسواد ليس لون الحداد والحزن عند كل الشعوب كما أن البياض ليس لون الفرح والسرور عند الجميع. والبيئة الجغرافية والأقليمية ايضا لها اثر يذكر في اختيار اللون، لأن كل شعب يمكن أن يحبذ لونا ويستثمره وفقا لظروفه البيئية والجغرافية. من هنا نقول ان وظائف أي لون تختلف بأختلاف الحضارات والمجموعات البشرية. يطرح (غرهام كوليير) مثالا للتدليل على ذلك في أطار الوظيفة الرمزية للون في الرسم الديني البيزنطي في القرون الوسطى: فالأزرق اللون الغالب على رداء العذراء الخارجي يرمز الى النقاء والصفاء ويلمح الأحمر الى العاطفة البشرية والأنهماك الدنيوي ويمثل الأخضر الخصوبة وحالة الأمومة بينما يستعمل الذهبي كأرضية للصورة ليرمز الى ما هو مقدس وغال وعزيز ومتعال. علاوة على هذا كله فالذوق الفردي له دوره في تفضيل لون على لون. فالألوان بالأضافة الى كونها مظهرا من مظاهر الواقعية تكون حاملة ارث ثقافي حيث تتمظهر في الألوان جملة من البنى الأسطورية الحضارية المؤسسة لثقافات الشعوب فلها دلالات جمالية.