تعريف النفوس

وبعد ان اطلعنا وفهمنا ما كتب عن النفس الصالحة , فما اقول بعون الله بحديث من ابحاثي عن النفس الصالحة ... جعلت مجمل بحثي عن النفوس بمقياس تاثير الهوى عليها وهنا اريد ان اضيف عاملا مؤثرا اخر في تعريف النفوس باذن الله وهو تاثير "العقل السالب " على النفوس ... فالنفس الصالحة هي النفس التي لا يؤثر عليها الهوى وتتقيه وتحاربه ولا تصغي اليه كما انها لا تستجيب لكل املاءات العقل السالب عليها تماما كما لا يؤثر العقل السالب على النفس الزكية ولاعلي النفس التقية بفضل الله ولذلك آثرت ذكر تاثير العقل السالب حيث يبدأ فعله الحقيقي على النفس البشرية حيث تصل الوساوس من الشياطين الذين يسكنون في النفس البشرية الامارة السوء الى العقل السالب ليبدأ بتحويلها الى همة وحركة وتنفيذ والله العاصم وحده . "الذي يوسوس في صدور الناس "( الناس -5). وستنحدث عن ذلك في حينه باذن الله الحافظ . وعليه تكون النفس الصالحة هي النفس التي لا تستجيب للهوى ولا تستجيب للعقل السالب باذن الله والنفس الزكية والتقية ليس للعقل السالب عليها من سبيل لان الله يحفظها بحفظه والله خير حافظا وهو ارحم الراحمين . فما هو العقل السالب ؟ وكيف يؤثر على النفوس باذن الله ؟ ولماذا لا يؤثر على النفس الزكية والنفس التقية ويظهر تاثيره على النفس الصالحة ؟ هنا باذن الله الاجابات .... العقل السالب :- هو الجزء الايسر من العقل البشري . ويجب ان نفرق بين العقل والدماغ ؛ فالعقل كلمة معنوية وغير مادية وهي تماما من باب التشبيه فقط كالمجال المغناطيسي للمغناطيس تحس تاثيره ولا تراه دقيق الانتظام انيق رقيق شفيق فعال لا يخطئ ولا يخدع ولا يزول الا بزوال سيده والمغناطيس المعدني من الحديد وللحديد قصة ليس هنا مجال الحديث عنها لانه معدن رباني نزل كرسول من السماء للارض باذن الله " "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِ?لْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ?لْكِتَابَ وَ?لْمِيزَانَ لِيَقُومَ ?لنَّاسُ بِ?لْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ?لْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ?للَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِ?لْغَيْبِ إِنَّ ?للَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " (الحديد -25). وكما للمغناطيس قطبان للعقل البشري قطبان موجب وسالب لان الله خلق من كل شيئ زوجين اثنين ... "وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ "(الذاريات-4). وعليه يكون الدماغ الحي اللحمي هو المحتوى المادي الحافظ للعقل Hard drive والعقل هو الانظمة الطاقوية المحفوظه في هذه الحافظة الصلبة compact dick والتي تعتبر الروح هي الخزان الاحتوائي الحافظ لكل انظمة الكينونة البشرية في هذه الحافظة الخرافية الحية الربانية التي تتحدي الجبارين من الانس والجن والخلائق اجمعين . والعقل السالب هو ذلك الجزء من العقل الكلي في الجانب الايسر من الدماغ لانها مفصولان فصلا ربانيا خلقيا كاملا لا يتصلان تماما كما لا يتلاقي السلك ذو الشحنة الموجبة مع السلك ذو الشحنة السالبة من باب التشبيه الا بحماية ربانية. ومهمة العقل السالب :- القيام بخدمة العقل العام والمرجع البشري بكسر القانون من اجل مصلحة خيار نفسه ؛ سواء كان هذا القانون دين او تقاليد او قانون وضعي بشري او ما شابه ذلك ؛ ومثال ذلك كسر الاشارة المرورية الحمراء للوصول الي المكان المطلوب بسرعة . وهنا نعود لماذا لا يؤثر على النفس الزكية والنفس التقية بينما يؤثر على النفس الصالحة والسبب سهل وبسيط باذن الله :- لان وسواس الشيطان يأتي من الصدر حيث مقام النفس والقلب والهوى والتقوى وليس مقام العقل فان وساوس الشيطان تتسلل من الشيطان الى قلب الهوى ومن قلب الهوى الي قلب قلب ابن ادم حيث العاطفة الجياشة التي لا عقل لها فقط تتفجر وتهيج وتتحرك وهنا اما ان ترسل الاشارة الى عقل الهوى وعقل القلب وعقل العقل فيحدث التفكير وهنا اما يتحرك العقل السالب ام العقل الموجب وفق خيار قلب النفس وعقل النفس لان النفس هي التي تختار في نهاية المطاف باذن الله . فأصحاب النفس الزكية والنفس التقية "قد نهى النفس عن الهوي "النازعات 40). قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :- "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا "(مسلم ). وعليه فأن الوساس تقتل في القلب ولا تصعد الى العقل وعليه لا يؤثر العقل السالب على النفس الزكية او النفس التقية لانها محصنة بتحصينها ودوام ذكرها وقنوتها وصلاتها ومناجاتها لله رب العالمين فلا مجال قط باذن الله ان تتلوث سريرتها بخطرات العقل للسالب والله وحده هوالحافظ باذنه . اما النفس الصالحة فانها معرضة لتاثير العقل السالب وذلك لسببين :- الاول :- قوة تواجد الوساوس فيها وكثرة تتابع ضغطها وتأثيرها عليها وهذا يعني عدد كبير من الشياطين المتواجدة وهذا يعني ان البيئة التي يعيش فيها ابن ادم بيئة غير نظيفة من حيث التواجد البشري الوالدين او الاخوة او الاقارب او الجيران ومحيط العمل او محيط الدراسة وغيره من المؤثرات الاخرى كالذي يقيم اصلا في منظقة موبوءة بالشياطين او الجن الكافر او يسكن في المقابر او المزابل وغيرها ولذلك اهتم المصطفي صلى الله عليه بالبيئة المحيطة وهذا له بحث خاص في حينه باذن الله . روى البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)، السبب الثاني :- الطبع النجمي لابن ادم وقد تستغرب لذلك ولن اطيل في بحث هذا الامر هنا لان الذي يريد ان يفهم تاثير الطبع النجمي على ابن من وجهة نظرى عليه ان يطلع على مداخلاتي في الطبع النجمي الرباني التي تؤثر ولا تجبر وتعتمد على خيارات النفوس باذن الله . ولذلك يجب ان يعرف ابن ادم مركز طبعه النجمي هل المال ام النساء ام السلطة ام المعلومة او التواصل وغيرة من مراكز الطباع كي يتدارك الصفات السالبة التي تم تنزيلها ربانيا في نظامه فيبدأ يعمل وبقوة وبصدق وبعلم على محاربتها والا فان عقله السالب سوف يغلبه لا محال فهو عقل مبرمج لا يكل ولا يمل وذكي وصعب لا يستسلم . فإذا كانت البيئة المحيطة سالبة فإنها بلا شك سوف تغذي العقل السالب وتفعّل الطبع النجمي السالب الذي قد تمت برمجته مسبقا ليخدم وساوس الشيطان . هنا تتحرك النفس الصالحة فتستجيب غفلة بغير وعي وتخطئ والله خير حافظا وهو ارحم الراحمين . "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا?(الشمس-7-10). النفس المطمئنة: هي إحدى درجات النَّفس الإنسانيَّة، التي ترتقي بأعمالِها من حال النَّفس الأمَّارة بالسوء، حتَّى تصل إلى مرتبة الاطمِئْنان. والطمأنينة: سكونٌ يُثْمر السَّكينة والأمن. ونجد أنَّ الطمأنينة أعمُّ وأشمل، وتكون في العلم واليقين؛ ولهذا اطمأنَّت القلوب بالقرآن، أمَّا السكنية، فإنَّها ثبات القلْب عند هجوم المخاوف عليْه، وسكونه وزوال قلقِه واضطرابه. فإن طمأنينة القلب، سكونه واستقراره بزوال القلق والانزعاج عنه؛ وهذا لا يأتى بشيء سوى الله سبحانه وتعالي . قال الله تعالى "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المطمئنة "(الفجر 27). قال الله تعالي :- "الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "(الرعد -13). "النَّفْسُ المُطْمَئِنّة هي النفس الراضية فلا تفزع عند الملمات ولا تصخب في المصائب ولا تغالي في الفرح والبهجه . بل هي ساكنه تعرفت على حقيقة الدنيا وحجمها فتعلقت بالاخره في الدين الإسلامي تقسم لثلاثة أقسام وهي النفس اللوامة، النفس المشتهية، والنفس المطمئنة ، حسب ما ورد بالقرآن الكريم ، والجسد هو الجزء المادي في الانسان وأدنى الأجزاء من حيث القيمة. النفس المطمئنة هي المؤمنة المطمئنة بثواب الله ، رَضِيَتْ عَنْ اللَّه وَرَضِيَ عَنْهَا، أَمَرَ بِقَبْضِهَا فَأَدْخَلَهَا الْجَنَّة وَجَعَلَهَا مِنْ عِبَاده الصَّالِحِينَ . (من مجموعة ابحاث عن النفس المطمئنة )." "وقال ابن كيسان : المطمئنة هنا : المخلصة . وقال ابن عطاء : العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين . وقيل : المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله . وقيل : المطمئنة بالإيمان ، المصدقة بالبعث والثواب . وقال ابن زيد : المطمئنة ; لأنها بشرت بالجنة عند الموت ، وعند البعث ، ويوم الجمع . وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : يعني نفس حمزة . والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع . قال الحسن البصري :- إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن ، اطمأنت النفس إلى الله تعالى ، واطمأن الله إليها . وقال عمرو بن العاص : إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين ، وأرسل معهما تحفة من الجنة ، فيقولان لها : اخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية ، ومرضيا عنك ، اخرجي إلى روح وريحان ، ورب راض غير غضبان ، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض . وذكر الحديث . وقال سعيد بن زيد : قرأ رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أيتها النفس المطمئنة ، فقال أبو بكر : ما أحسن هذا يا رسول الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الملك يقولها لك يا أبا بكر "(القرطبي ). النفس المطمئنة بتعريفها الطبي :- يتركز البحث في مجاهدة النّفس حول ماذا يصنع ابن ادم ليفوز ويكسب هذه المعركة، فالأهواء كثيرة ونوازع النفس قوية إلى حد أنّها قادرة على جر صاحبها إلى مزالق الهاوية، فإذا هو أخلص عبوديته لله وحده فإنّه حينها يتحقق له الانتصار على كل النوازع المنحرفة أوالشريرة ويتمكن من قهر الأهواء لتكون روحه روحًا شفافة وعظيمة. ولصعوبة أمر مجاهدة النفس وثقلها فقد وضع الله تعالي لعباده برنامجًا تربويا يضمن لهم عملية البناء المتوازن وصيرورة النّفس في المجال القدسي. أما كيف يصل العبد إلى هذا المقام المرغوب فهو سهل على من يسره الله له ووفقه لسلوك درب الطاعة والتقرب لله جل جلاله رغبة ورهبة بكثرة النوافل، وخير معين على ذلك مراقبة الله في السر والعلن، والإخلاص في العمل، وكثرة الذكر، والتعلق بما عند الله من خير. النفس المطمئنة هي النفس الخالية من الضغط النفسي : وهو حالة من عدم التوازن الناجم عن تعرض الفرد لانفعالات نفسية سيئة تتسم بالقلق والتوتر والضيق والتفكير المرهق في أحداث وخبرات حياتية تعرض لها في الماضي أو يعيشها حاضراً أويخشى حدوثها مستقبلاً, وتسبب اضطرابات فسيولوجية ضارة. علماء النفس اضطروا إلى الإقرار بكون الدين عاملا مساعدا للصحة النفسية والجسدية بعد أن تجاهلوه وقللوا من قيمته وهذا مثل نقطة تحول مهمة في علم النفس، بل إن علم النفس المعاصر يعتبر الدين عاملا مهما في إعادة الطمأنينة إلى النفس الضغوط النفسية يمكن أن تكون بسيطة أو متوسطة أو شديدة، وهذا يمكن أن يكون له تأثير على الشخص بصورٍ مختلفة؛ فالضغوط النفسية البسيطة قد تكون مفيدة، ومطلوبة لأن قليلا من الضغوط النفسية تجعل الشخص يقلق بصورة بسيطة وبالتالي ينعكس ذلك على الشخص حيث يُحسّن من أداء الشخص في أي عمل يقوم به.