مفهوم العلاقات العامة في الإسلام

إن قضية العلاقات العامة من منظور إسلامي
تتمثل عندي في آيتين من كتاب الله وهما: الآية الأولى:( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) سورة يوسف، آية 108. الآية الثانية: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم) تعالوا بنا ننهل من منبع الإسلام العذب ما يُطرب آذاننا ويجلوا أفهامنا ويصحح خطواتنا في قضية العلاقات العامة. كقضية ظهرت معالمها في مواضع عدة طبقا للمنظور الإسلامي كما يأتي: الدعوة إلى الله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) سورة يوسف، آية 108. التعاون على البر والتقوى: (وتعاونوا على البر والتقوى) سورة المائدة، آية 2. قول الحسنى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم) سورة الإسراء، آية 53. فعل الخير: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) سورة الحج، آية 77. النصيحة: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم) متفق عليه. وهناك الكثير من المواضع التي تُلمح لشكل من أشكال العلاقات العامة، ولكن اكتفينا بما سردناه نظرًا لقوة معناه و نستطيع أن نخلُص إلى حقيقة هامة وهي أن العلاقات العامة من المنظور الإسلامي هي الدعوة للخير عامة في المجمل وإلى الله وعبادته على وجه الخصوص، وذلك من خلال محاور العلاقات العامة الثلاثة التي لا تخلو قضية علاقات عامة منها أبدًا وهي (إعلام – إقناع – تكيف) بقلم د. أحمد عبد الفتاح عيسى كم نفتقد لحلم هؤلاء : كان لعبد الله بن الزبير- رضي الله عنه- مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنهما- خليفة المسلمين في دمشق.. وفي ذات يوم دخل عمال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير، وقد تكرر منهم ذلك في أيام سابقة؛ فغضب ابن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق وقد كان بينهما عداوة قائلاً في كتابه: من عبدالله ابن الزبير إلى معاوية ( ابن هند آكلة الأكباد ) أما بعد.. فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي، فمرهم بالخروج منها، أو فوالذي لا إله إلا هو ليكونن لي معك شأن! فوصلت الرسالة لمعاوية، وكان من أحلم الناس، فقرأها.. ثم قال لابنه يزيد: ما رأيك في ابن الزبير أرسل لي يهددني ؟ فقال له ابنه يزيد: أرسل له جيشاً أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه.. فقال معاوية:"بل خيرٌ من ذلك زكاةً وأقربَ رُحماً ". فكتب رسالة إلى عبدالله بن الزبير يقول فيها: من معاوية بن أبي سفيان إلى عبدالله بن الزبير ( ابن أسماء ذات النطاقين ) أما بعد.. فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلّمتها إليك ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك، فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمّالي إلى عمّالك؛ فإن جنّة الله عرضها السموات والأرض! فلمّا قرأ ابن الزبير الرسالة بكى حتى بلّ لحيته بالدموع، وسافر إلى معاوية في دمشق وقبّل رأسه، وقال له: لا أعدمك الله حُلماً أحلّك في قريش هذا المحل. دائماً تستطيع إمتلاك القلوب بحسن تعاملك وحبك للغير.. وتذكر دوما بأن : • من ابتغى صديقاً بلا عيب، عاش وحيداً • من ابتغى زوجةً بلا نقص، عاش أعزباً • من ابتغى قريباً كاملاً، عاش قاطعاً لرحمه! فلنتحمل وخزات الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا. لا تحرص على إكتشاف الآخرين أكثر من اللازم ، الأفضل أن تكتفي بالخير الذي يظهرونه في وجهك دائماً ، و اترك الخفايا لرب العباد.. (لو اطّلَعَ الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف).. أسس العلاقات بين الناس 1 ـ الحوار: جعل الإسلام الحوار هو الوسيلة المثلى للتفاهم في القضايا والمشكلات ويظهر ذلك في قوله تعالى( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)) [العنكبوت : 46 ] 2 ـ التعايش السلمي: وهو قبول الآخرين والعدل معهم، واحترام حقوقهم مهما اختلفوا عنا في الجنس والعقيدة، والتعاون معهم على نشر الأمان. وقد حث الإسلام على التعايش السلمي فقال الله تعالى: (( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة، ولا تتبعوا خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين)) [البقرة:208 ] 3 ـ العدل: وهي إعطاء كل ذي حق حقه، وهوأساس كل علاقة إنسانية سواء بين الأصدقاء أم الأعداء؛ لأن العدل قوام العالمين في الدنيا والآخرة، وقد حث الإسلام على العدل، فقال الله عز وجل: {إن الله يأمر بالعدل} [النحل:90/16] {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء:58/4] {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} [الأنعام:152/6] {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هوأقرب للتقوى} [المائدة:8/5]. ومن أهم ضوابط العدل هو تنفيذ أحكام شريعة الله دون تفرقة بين الحاكم والمحكومين، والقوي والضعيف. ويقتضي تطبيق العدالة في مجال العلاقات الدولية أن تبنى كافة العهود والمواثيق على أساس كفالة العدالة لكافة الأطراف. 4 ـ المساواة: إن وحدة الجنس البشري تقتضي في نظر الإسلام المساواة بين كافة أفراده وجماعاته وشعوبه من حيث إتاحة فرص متساوية للحصول على الحقوق الأساسية للإنسان بعيدا عن العصبية والتمييز العنصري. وجعل الإسلام معياراً للتفاضل يتساوى أمامه الخلق جميعاً على اختلاف الأجناس والألوان، والحرية والعبودية، إنه معيار التقوى، قال تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللـه أتقاكم.." (الحجرات: 13).