top of page

الفن والنفعيه


‎إن الفن في رأي العديد من الفلاسفة وعلماء الفن والجمال هو نشاطٌ يجعل للمتعة صفة «النزاهة الخالصة» التي لا تشوبها شائبة من أغراض، أو نفعية، أو مصلحة. وربما كان هذا أيضا هو المعني الذي قصد إليه المفكر الألماني «Lange» حينما عرف الفن بقوله: ‎«إنه مقدرة الإنسان على إمداد نفسه، وغيره بلذة قائمة على الوهم (illusion) من دون أن يكون له أي غرض شعوري يرمي إليه سوى المتعة المباشرة». ‎وشبيه بهذا التعريف أيضا ما ذهب إليه الفيلسوف الإنكليزي شلّي (Sully) حينما يقول: ‎«إن الفن هو إنتاجُ موضوعٍ له صفة البقاء، أو إحداث فعل عابر سريع الزوال، يكون من شانه توليد لذة ايجابية لدى صاحبه من جهة، وإثارة انطباعات ملائمة لدى عدد معين من النظارة، أو المستمعين من جهة أخرى، بغض النظر عن أيّ اعتبار آخر قد يقوم على المنفعة العملية، أو الفائدة الشخصية». ‎قال عبّاس محمود العقّاد رحمه الله: ‎«إن الفن في أصل اللغة: هو الخطّ واللون، ومنه التفنين بمعنى التزيين، والتزويق، والأفانين بمعنى الفروع أو الضروب، وهكذا كلّ ما تعدّد فيه الأشكال والأوصاف مما يُنظر بالأعـين أو يُدرك بالأفكار.» ‎الفنّ الحقّ ما ربط بين الجمال والحقّ ‎والفن الصحيح هو الذي يهيئ اللقاء الكامل بين الجمال والحق، فالجمال حقيقة في هذا الكون، والحق هو ذروة الجمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها كل حقائق الوجود. ‎ويعرّفه الأستاذ محمد قطب بما يلي: ‎«الفنّ ــ في أشكاله المختلفة ــ هو محاولةُ البشر لتصوير الإيقاع الذي يتلقّونه في حسّهم من حقائق الوجود، أو من تصوّرهم لحقائق الوجود في صُورة جميلة مُؤثّرة.» ‎وهذا الإمام عبد الحميد بن باديس يقرّب إلى أذهاننا مفهوم الفن وهو يتحدّث عن الفن الأدبي. ‎«...الفن هو إدراك صفات الشيء على ما هي عليه من حُسْنٍ، وقُبْحٍ إدراكا صحيحا، والشعور بها كذلك شعورا صادقا، والتصوير لها تصويرا مطابقا بالتعبير عنها بعبارات بليغة في الإبانة، والمطابقة للحال، ذلك هو الفن الأدبي.» ‎الفن يعبّر عن الواقع بلمسات الجمال ‎من ذلك يتّضح أن الفنّ هو تحويلٌ للواقع بواسطة أساليب تعبيرية، وأدائية من نوع خاص، وسواء أكان الفن عملية تحويل، أو عملية رمزٍ، أو هروب من الواقع، أو تسامٍ عليه، فلا يهمّ ذلك..إنما المهمّ أنه انتقالٌ من حقيقة عادية شائعة إلى عالم يفوق الواقع يتّصف بالجمالية، وحُسْن الذّوق.

مواضيع سابقة
bottom of page