أيام الخلق الستة

يقول الله عز وجل :.. ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام).. [السجدة] 4... وقوله عز وجل ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة ) [الأعراف].54.. تنص هذه الآيات على أن الله أتم خلقه،.. أي أنهى تقدير وإيجاد هذا الكون (السماوات والأرض وما بينهما).. في زمن قدره ستة أيام.. التي اتفق جمهور المفسرين على أنها ستة أزمنة متساوية لا يعلم حقيقة مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى،.. وخاصة أن هذه الأيام لم توصف بقوله تعالى :.. ( مما تعدون).. كما في آيات أخر،.. ولهذا اعتبرها أبو السعود ست نوبات،.. أي ست وقائع وحوادث كونية،.. في ستة أزمنة لا يعلمها سواه سبحانه... ولسوف أثبت ـ فيما يلي ـ صحة هذا الرأي علمياً.. وقرآنياً:.. أيام الخلق الستة ليست كأيام الأسبوع،.. كما تخيلها بعض المفسرين،.. من يوم السبت إلى الجمعة،.. وذلك بعد أن تسربت إليهم بعض الإسرائيليات التي جاء معظمها ـ للأسف ـ.. مسنداً ظلماً وافتراء إلى بعض الصحابة والتابعين،.. بل جاء بعضها مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم،.. كما في الحديث الذي تعجبت أنا شخصياً عند سماعه،.. لأنه مشابه للرواية الكهنوتية لخلق الكون،.. بالرغم من أنه ورد في (رياض الصالحين)،.. ورواه مسلم عن أبي.. قال : (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت.. وخلق فيها الجبال يوم الأحد.. وخلق الشجر يوم الإثنين.. وخلق المكروه يوم الثلاثاء.. وخلق النور يوم الأربعاء.. وبعث فيها الدواب يوم الخميس.. وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة.. في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل).. وبالنظر إلى هذا الحديث يتضح وصف الأيام الستة بأيام الأسبوع،.. كما في العهدين (القديم والجديد)،.. بينما لم يذكر القرآن مطلقاً أن هذه الأيام مما نعد نحن البشر.. أو أنها من أيام الأسبوع بمعنى اليوم على كوكب الأرض.. هذا من جهة،... كما أن الحديث النبوي هنا يقتصر على خلق الأرض دون ذكر السماوات من جهة أخرى،.. علاوة على وضوح خلق النور يوم الأربعاء إذ كيف ينمو النبات في غياب الضوء،.. بالإضافة إلى تخصيص يوم لخلق المكروه،.. حتى تصل أيام الخلق سبعة.. وهذا الحديث يتعارض مع النص القرآني،.. فهل من المعقول أننا نأخذ بأقوال المفسرين المملوء بالإسرائيليات،.. علماً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينطق عن الهوى،.. فلا يجوز إذن أن ننسب إليه صلى الله عليه وسلم.. لقد قام اليهود بوضع تصورهم لإظهار خلق الكون وتوزيعها على أيام الأسبوع.. قبل أن يكون لهذه الأيام وجود،.. وزعموا أيضاً أن الخالق سبحانه وتعالى استراح في اليوم السابع،.. كما يلي في الترتيب،.. طبقاً لروايات كتبهم (كما في العهدين القديم والحديث):.. الأحد : خلق الله النور والليل والنهار... الاثنين : خلق الله السماء والماء... الثلاثاء : خلق الله الأرض والنبات ... الأربعاء: خلق الله الشمس والقمر والنجوم والكواكب... الخميس : خلق الله الأسماك وطيور البحر والطيور المجنحة... الجمعة : خلق الله الماشية والزواحف والوحوش،.. وأخيراً الإنسان ... السبت أنهى الله عملية الخلق بالخلود إلى الراحة بعد التعب... ولقد رد الله عز وجل في القرآن الكريم على هذه الأكذوبة... (التي تقول أن يوم السبت استراح فيه الله ).. ليبين لأهل الكتاب أنه سبحانه مطلق الكمال لا تأخذ سنة ولا نوم ولا يمسه لغوب،.. أي تعب أو إجهاد،... كما في قوله تعالى :.. ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ).. [ق].38.. كما أن وصف خلق الكون ..بأيام الأسبوع هنا في رواية التوراة (مشابه للحديث المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ).. ويحتوي أيضاً على أخطاء علمية لخصها الدكتور موريس بوكاي في كتابه المشهور ،.. كما يلي :.. أ ـ ظهور النور في اليوم الأول.. بينما لم تخلق الشمس إلا في اليوم الرابع... ب ـ ظهور النباتات في اليوم الثالث.. قبل خلق الشمس في اليوم الرابع... ج ـ خلق الشمس والقمر في اليوم الرابع.. بعد خلق الأرض في اليوم الثالث... د ـ ظهور الزواحف في اليوم السادس.. بعد ظهور الطيور في اليوم الخامس... والمهم هنا هو التأكيد على خطأ هذه الروايات التي تصف أيام الخلق الستة بنفس المفهوم الزمني لأيام الأرض،... بإشراقتين متتاليتين،.. أو زمن دورة الأرض حول نفسها،.. مما يتعارض مع ما كشفه العلم الحديث عن عمر الكون ومراحله التي تقدر ببلايين السنين،... كما سنعرف فيما بعد... وكلمة (اليوم) تأتي في القرآن الكريم بمعاني مختلفة ،.. كما يلي :.. أ ) يوم أرضي كأيام الأسبوع،... أي مما نعد نحن البشر بزمن دورة الأرض حول نفسها (24ساعة)،.. وفي هذه الحالة يأتي اليوم موصوفاً بقوله تعالى :.. ( مما تعدون )... كما في آيتي السجدة (5) والحج (47) :.. (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)[ السجدة 5]،.. ( وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون )[ الحج 47]... وهاتان الآيتان تشيران إلى سرعة الضوء... ب ) يوم أرضي إذا سمى بأحد أيام الأسبوع، ..كما في قوله تعالى : (... إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .. ).. [سورة الجمعة 9]... ج) اليوم بمعنى النهار فقط،... كما في قوله تعالى : ... ( سخرها عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) [ الحاقة 7]... د) اليوم بمعنى طور أو.. مرحلة زمنية ..أو عصر من عصور الخلق، .. كما في أيام الخلق الستة في الآيات القرآنية التي ذكرناها،.. والتي هي موضوعنا الحالي ... والآن وبعد أن كفر الغرب بدينه،.. نظراً لتعارضه مع العلم،.. وخاصة في وصف الأيام الستة للخلق.. لا يجوز أن ننسب إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم الحديث المذكور حول عملية الخلق في سبعة أيام من أيام الأسبوع ...بأسلوب غير علمي وغير منطقي، .. ويجب أن نعيد النظر في صحة هذا الحديث الذي رواه مسلم،... أي نوليه عناية كبيرة من حيث دراسته رواية ودراية.. ولنحتكم إلى القرآن الكريم في بيان وتفصيل هذه الأيام الستة، ...كما وردت في سورة فصلت، ..وهذا التفصيل سوف يساعدنا في حساب عمر الكون، ...