نار جهنم

اعلم أخي الكريم, أن التفكر في أهوال القيامة يجدد الإيمان واليقين ويحيي في قلبك الخوف من الله, والفرار إليه, ويهون في عينك الدنيا وزخرفها, فتحقر نفسك عيشها, وتضيق بك حتى ليخيل إليك انك مسجون. وما نار جهنم إلا خاتمة العذاب, فكلها جحيم وشقاء, وصراخ وبكاء وحسرة وعناء, لهيبها يلفح الوجوه, وماؤها يقطع الأمعاء, وحرها يلكح أهلها, قد ملئت أغلالاً وأصفاداً, وسعرت فصارت سواداً.. ماؤها حميم وظلها يحموم وعذابها دائم مقيم وفي الكتاب نستعرض إن شاء الله صفاتها وأحوال أهلها, تذكرة وتبصرة والله من وراء القصد. خزنة النار يقوم على النار ملائكة، خلقهم عظيم، وبأسهم شديد، لا يعصون الله الذي خلقهم، ويفعلون ما يؤمرون، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [التحريم 6] . وعدتهم تسعة عشر ملكاً، كما قال تعالى: (سأصليه سقر*وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر*لواحةٌ للبشر*عليها تسعة عشر) [المدثر: 26 - 30] وقد فتن الكفار بهذا العدد، فقد ظنوا أنه يمكن التغلب على هذا العدد القليل، وغاب عنهم أن الواحد من هؤلاء يملك من القوة ما يواجه به البشر جميعاً، ولذلك عقب الحق على ما سبق بقوله: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا) [المدثر: 31] . قال ابن رجب: "" والمشهور بين السلف والخلف أن الفتنة إنما جاءت من (1/19) حيث ذكر عدد الملائكة الذين اغتر الكفار بقلتهم، وظنوا أنهم يمكنهم مدافعتهم وممانعتهم، ولم يعلموا أن كل واحد من الملائكة لا يمكن البشر كلهم مقاومته"" . وهؤلاء الملائكة هم الذين سماهم الله ""بخزنة جهنم"" ف قوله: (وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب) [غافر: 49] .