top of page

قصة هل لي من توبة؟

من حكايات الدكتور محمد ابو نجم

 العدد الأول

الجزء الاول

الليل حالك مكفهر ،.. والريح تعصف باردة جافة تجرح كحد السيف البتار ،.. ونجوم السماء تنظر بحزن شديد إلى أهل الأرض الظلمة القساة.. تترقب حدثا لا تحمد عقباه ،.. والخيول النائمة بهدوء وأمان والمربوطة هناك بجانب مضارب الخيام المنصوبة في قلب الصحراء القاحلة.. هناك بدأت تتذمر وتتحرك ...نعم لقد أحست بشئ غريب ما يحدث حولها لا تعرف ما هو ...إنها ظلال سوداء تتحرك بخفية وسرعة وبطء شديد.. وكأنها أشباح الليل الأسود الخئون ...
جغبير : قد وصلنا يا درداس وها نحن على مشارف المضارب والويل لهم.. فبحق الشيطان هم لم يحسوا بِنَا ولا حراسات عندهم نحن محظوظون جدا يا درداس !!!..
درداس : هيا نقترب ياجغبير ،.. أَعْط إشارات إلى الرجال بالاقتراب من الخيام الخمسة وتلك السادسة البعيدة هناك بحذر لا نريد لأحد ان يكتشف أمرنا قط !!..
جغبير : سم يا سيدي أفعل الآن !! جغبير يتحرك سريعا يصفر صفرات غريبة خفيفة وكأنها هبات من الريح لا تقدر أن تميزها عنها وفي اتجاهات مختلفة.. وعندها تأتيه صفرات مشابهة أقصر منها وحركات سريعة وأصوات سيوف تُسل من غمدها بحذر شديد وأوقات متساوية.. وكأنهم محترفون متفاهمون متفقون وقد فعلوا ذلك مرارا من قبل .... يرجع جغبير إلى المقدمة حيث السرادق الكبير في مقدمة المضارب حيث سيده درداس هناك قد وصل بصمت وهدوء ... درداس : هناك عشرة خيول ذاك الأدهم المرقط لي فهمت !.. جغبير : أمرك سيدي...والفرس الأبيض على الناصية لي يا سيدي !..
درداس : هي لك ويتقاسم الرجال الباقي فهمت !!.. جغبير : سمعت سيدي ...
درداس : هناك ١٥ رأسا من الغنم وعجلين وثلاثة من العنز وغير ذلك من الطيور نتقاسمها في. حينها !..
جغبير : والجواري ....النساء النساء يا سيدي !!!!..
درداس : يضربه إلى راْسه حتى يصيح فيغلق فمه بيده ...انت أحمق وغبي.. سوف تكشف أمرنا وتخرب كل شيئ علينا !!!..
جابير(بصوت واطي) :.. وهو مخنوق بيد درداس ... كنت أسأل فقط سيدي ... درداس يفلت جغبير ويشير اليه ان أخرس ولا تنطق قط فإن في الخيمة الأولى حركة ... يصمت الجميع ويبدأ جغبير يعطي صفرات مختلفة وكأنها أصوات الفئران يسكت الجميع ويختفون تماما ...
جغبير : نحن مستعدون يا سيدي والوقت يمر هل نهجم ؟..
درداس : عند الإشارة لكن يا جغبير حسب الاتفاق ... لا أحياء لا أحياء لا أحياء قط فهمت هذا خط أحمر ...لا شيئ يتحرك غير الأنعام فهمت ؟! جغبير : اترك لي مرآة واحدة فقط يا سيدي أرجوك !!!..
درداس : يضربه على راْسه بطرف سيفه !!!.. اذا بلغي الهجوم هيا نعود إدراجنا !!.. يبدأ درداس بإصدار أشارة الانسحاب التي يعرفها جغبير فيضع يده على فمه يتوسل اليه حسنا حسنا حسنا بغضب شديد.. وحنق ورغبه في ضربه وقتله.. لكن لا يقدر عليه فدرداس ضخم طويل قوي مفتول العضل تهابه الجزيرة كلها لبطشه ... يسكت درداس ويتهيأ لإطلاق إشارة الهجوم !!!.. الجميع تلقي الإشارة السابقة المهيأة للهجوم المباغت ولكنهم لم يتلقوا بعد إشارة الهجوم الحقيقي ذاته.. والكل ينتظر صرخة الهجوم من درداس ....
جغبير سيدي مالك أَعْط الإشارة ...درداس ساكت وصافن .... جغبير :.. سيدي درداس مالك أَعْط أشارة الهجوم الوقت يمر والفجر قد قارب علي الانبلاج ....
جغبير : سيدي مالك بحق للشيطان .... درداس صامت يشيح بوحهه بعيدا عن عيني درداس ....
 درداس : الا تسمع يا جغبير ؟؟
 جغبير : وماذا اسمع يا سيدي ؟ درداس ؛.. أنصت فقط يا أحمق واسمع !!..
جغبير يقترب حيث يقف درداس حيث مهب الريح من قبل الخيمة الأولى التي جاءت منها الحركة ... انه صوت طفل رضيع يبكي على صدر أمه ....
جغبير : انه طفل صغير يبكي يا سيدي.. وما المشكلة نحن على أمرك سوف نذبحهم جميعا ولا نترك منهم احدا يتحرك غير الأنعام ...أليس كذلك !!!..
درداس يلتف إلى جغبير فيرى جغبير الدموع في عيناه ويتبادل الرجلان نظرة ة لَيس لها تفسير ...عندها يقطب درداس عينيه ويكفهر وجهه ويصيح بأعلى صوته .... هجوم هجوم هجوم ...

الجزء الثاني

ينطلق الرجال ألمقنعون السود كالرماح الصاعقة على الخيام وكأن الدنيا أنقلبت رأس على عقب.. صخب وصياح وصراخ وعويل وصهيل ونباح ونهيق في كل مكان.. والرجال المهاجمون كل قد اتجه إلى هدف محدد.. وبدأت تتطاير الرؤوس رجالاًوصبياناً وصبايا وكهول الكل يصرخ ويطلب النجدة.. والكل ينادي والكل يبكي والرجال الذين صعقهم الهجوم المباغت قاموا بيأس وهرعوا إلى سيوفهم.. يدافعون ولكن الوقت قد فاتهم للأسف.. فقد أخذوا على حين غرة غدرا نعم غدرا ..غدر اللصوص المجرمين من قطاع الطرق من عصابات البادية المشهورين.. ولعل عصابة درداس السفّاح هي أسوأهم قاطبة من جميعهم في البادية.. وكان هنا اليوم قدرهم مع الموت المباغت ... درداس يصدر الأوامر ويتحرك في كل الاتجاهات ويسمع صوت الطفل الرضيع يدوي في راْسه عاليا.. وكأنه قدره هو الآخر.. والنار بدأت تشتغل في الخيام ... درداس يتجه صوب صوت الطفل الرضيع في الخيمة السادسة البعيدة ويأمر رجاله ان ابتعدوا عن تلك الخيمة.. فيعجب من ذلك جغبير و ينظر اليه مستغربا ... وهنا يخرج من الخيمة عجل أسود قبيح المرآه يهجم على درداس بضراوة شنيعة.. فيبادله درداس بضربة تطير منها راْسه بعيدا ويشخب دمه من سيف درداس العجيب الذي تتحدث به البوادي ...ويعد درداس ثمانية وستين في نفسه ويسكت ... درداس يتجه نحو الخيمة وهي ليست بعيدة عنه تماما ...يقترب من الخيمة وقلبه مقبوض وخائف على غير عادته ...ربما يخرج منها عجل آخر يظل متأهبا كعادته...لا يسمع صوت الطفل الرضيع بعد ذلك.. فقد خرس تماما هنا يخاف درداس ويحدث نفسه..
" درداس السفاح يخاف من صوت طفل رضيع يا لنكد الدنيا "..
يفتح ستار باب الخيمة فإذا الشق الأول مكان الرجل شاغر.. نعم ربما يكون هذا مكان العلج الأسود القبيح الذي سفك دمه قبل قليل.. يتقدم قليلا إلى ستار الخيمة الداخلي حيث تبيت النساء ...يفتح الستار وقلبه يدق بعنف عجيب لم يعرفه طيله حياته ... يكشف الستار فاذا امرأة راقدة على فراش على الأرض تحضن بعنف رضيعها تكمم فمه كي لا يصدر الصوت.. تضمه وتصرخ لا تذبحنا لا تذبحنا لا تذبحنا استحلفك بالله ... يتجمد درداس في مكانه صامتا حتى تستغرب المرأة لذلك الصمت الغريب.. تلفت في وجه الرجل المريع الذي يقف أمامها بسيفه المسلول تنظر اليه حتى تلتقي العيون بنظرة ساخطة سريعة درداس :..
من انت بحق الله يا امرأة ؟؟؟..
شعرها ذهبي أشقر وعيونها زرقاء لامعة مليئة بالدموع.. وطفلها مكموم الفم بيدها يكاد ينفجر من شدة البكاء.. تنظر اليه تستغيث لا تذبحنا لا تذبحنا أرجوك لا تقتل رضيعي بالله عليك.. استحلفك بالله با تذبحنا لا تذبحنا .... درداس يشير اليها ان اطلقي ابنك فتتركه فينفجر يصرخ باكيا حتى يتجمع كل رجاله على باب للخيمة .. هنا يسحب جغبير سيفه ليقتلها وابنها.. فيصده درداس بعنف حذار حذار يا جغبير .. يخرج درداس من الخيمة ومعه الرجال يتضورون غيظا..
جغبير : قد قتلنا كل النساء والأطفال والصبايا وأنت تترك هذه المراة وولدها هذا ليس عدلا يا درداس .!!؟
 درداس يستل سيفه عاليا يلوح له في الفضاء :.. انا هنا الذي يقرر العدل من غيره يا جغبير فهل لك رأي آخر ؟ جغبير ينسحب غاضبا يسب ويلعن ويرغي ويزبد بعيدا وحده يلحق به رجل او رجلان...
درداس : انا هنا الزعيم والملك من يخالفني فلينازلني الآن ان شاء ليثبت نفسه ... لم يتحرك أحد فلا أحد يجرؤ قط ان يتحدى درداس السفّاح الذي دربة وعلمه احد حكماء الصين الذي استقر في البادية.. وقضى من زمن بعيد وعلمه فنون القتال.. وأهداه سيفه العجيب الذي ليس له في البادية كلها مثيل.. فهو سريع خفيف قوي مكار وذكي وداهية تخشاه البادية كلها .. درداس : لم يتقدم أحد.. وهنا أقول من يلمس هذه الظعينة وابنها اقتله بحد سيفي ولا أبالي ...
درداس :هيا يا رجال وزعوا الغنائم وادفنوا قتلاكم حتى نتحرك شمالا قبل الشروق هيا شهروا جميعا ... يتحرك الرجال صامتين في كل الاتجاهات يذهب درداس إلى بعير راقد هناك خلف الخيمة الكبيرة فيجره إلى خيمة المرأة ... يقف درداس خارج الخيمة ينادي سيدتي فتطل عليه المرأة من طرف الخيمة..
المرأة :سم يا سيدي .. قد سمعت حوارك مع رجالك يحفظك الله ويرعاك يا سيدي درداس :.. هذا بعيرك فتجهزي فإننا راحلون من هنا قبل الشروق الكبير !..
المرأة : وكيف عرفت ان هذا بعيري يا سيدي ؟..
درداس: يشيح بوجهه قد رأيت عليه بردعة زرقاء يا سيدتي !!.
المرأة : تضحك بصوت يسمعه درداس وهي تعض شفتيها من الاستغراب .. جغبير من بعيد ( بصوت غير مسموع ) : ويعطيها كذلك ذلك البعير لا لا قد بلغ السيل الزبي يا رجال سوف اقتله وأخذها منه من في أول فرصة .. درداس ينشغل بقسمة الغنائم بين الرجال ودفن القتلى.. فماذ يحدث له ولتك المرأة التي سلبت عقل السفّاح . يتبع الجرأ الثالث بإذن الله


الجزء الثالث
بدأ بصيص الشروق يلوح في الأفق وقافلة غاشمة تتسلسل في عمق الصحراء ..رجال مسجون بالسواد يجرون معهم خيول وماشية تمشي بهدوء مريب بين التلال تعرف طريقها رغم الظلمة التي بدأت تنقشع من جديد ...تتحاشى مضارب العشائر وتختفي بين الوهاد بخفة وحنكة ومهارة خبيرة ...
درداس : هلم يا رجال إلى الجبل إلى الجبل قبل اكتمال الشروق !..
جغبير : وماذا ستفعل يا درداس بتلك الظعينة التي خلفنا في هودجها ؟.. درداس : وهل هذا من شأنك يا جغبير ؟..
جغبير لا تعجبه الإجابة فيبتعد بفرسة بعيدا عن درداس اتفاء لشره في هذا الصباح ؟!...
يدرك درداس خطر جغبير وانه قوي وخبيث ومجرم مكار.. والمرأة عنده تعمي بصره فيصاب بالجنون ولا يدري ماذا يفعل حينها فخاف على الظعينة التي سباها ورضيعها منه... فرجع القهقري إلى الوراء لحمايتها منه وهو في قرارة نفسه لا يدري لماذا يغفل ذلك !!.. يقترب درداس من هودج الظعينة وهي تحمل رضيعها وقد كشفت طرف الهودج كي تبصر الطريق.. فهي لا تأمن منهم فهم عصابة مجرمين قتالين.. فقد رأت كيف قتلوا أهل العشيرة التي كانت فيها.. ولم ينج منهم احد غيرها وسلبوا خلالها واحرقوا خيامها.. ودفنوا قتلاها .. وهي يمكن ان تلحق بهم في أية لحظة.. لولا حماية هذا الدرداس التي لم تفهم بعد سر إبقاءه عليها !!!
ألأنها اعجبته.. فهو يريدها لنفسه او لغاية أخرى لا تعلمها ... والمهم عندها هي سلامة رضيعها أولا.. فهي لم تعد تبالي فقد رأت من الموت والقتل الكثير ...
يقترب درداس من الهودج فرسه حتى تكاد تراه وتسمع صوته ...
 درداس : انت بخير يا أمة الله ؟ المرأة : انا بخير حتى الآن الحمد لله !.. درداس : ذلك العلج التي سفكت دمه خرج من خيمتك هو بعلك؟؟!
المرأة : هو خاطفي وقاتل أبي وأمي وكل أهلي يا سيدي !!!.. درداس( يصمت ) وكأنه يبتعد بفرسه فيسمعها ويعود ...
 المرأة أحست أنها ارتكبت خطأً فهي ذكية وكأنها فهمت انه فعل بها مثل ما فعل ذلك العلج !..
المرأة : شكرًا لك يا سيدي فقد أنقذتني من بطشه وظلمه وحبسه ؟!.. درداس :كيف ومعك رضيع يا أمة الله !؟..
أدركت المرأة بذكاءها انه يريدها هي ويريد ان يعرف حقيقتها.. فاطمأنت وكشفت طرف الهودج المقابل له حتى رآها فغض بصره.. وبدأت تحكي وهي تنظر اليه ...
المرأة : كان يضربني ضربا مبرحا يا سيدي حتى يعييني ويشل أطرافي .. فأعجز عن المقاومة وانا مكبلة بالحديد.. فاذا انا بين اليقظة والإغماء يفعل بي ما يشاء الجبان الحقير السافل !!!..
هنا فرس درداس تحرف بعيدا عن الطريق بسبب غضب وحنق درداس الذي يشد على الفرس حتى يكاد يخنقها .. ثم يهدأ ويعود لصوابه ويعود اليها ...
درداس : ولماذا يصفدك بالحديد وكيف تقاومين الرجال يا أمة الله ؟..
المرأة : انا فارسة العرب يا سيدي ابنة الملك سنام الجبل !!!..
وما هدني الا رضيعي هذا وعزة الله !!!!..
درداس : انت سودة ابنة سيدي الملك سنام الجبل !!!..
سودة : اوتعرف الملك سنام الجبل ؟! درداس : ومن لا يعرف الملك سنام الجبل !! لقد عرفني بنفسه على الصيني الذي دربني فنون القتال فهو الذي درب الملك بنفسه ..
سودة : وهو الذي دربني وعلمني الفروسية حتى نازلت كل الرجال وما أسروني الا غدرا !!!..
درداس : لقد زارنا أبوك ومعه ذلك الفارس الصيني الذي أذهلنا بسيفه العجيب فأبيت الا ان أتعلم منه.. وتوسط لي أبوك فقبل ذلك فخدمته وعلمني في الجبل حتي4 قتل غدرا ونجوت عندها لأني كنت أجلب الماء من البئر،.. ما زلت اذكر ذلك اليوم ... جغبير ينادي من بعيد ( بصوت عالي ): درداس درداس ... هناك خَيل قادمة أسرع !!! .
⁠⁠⁠⁠

الجزء الرابع
عاصفة الصحراء.. درداس (ينادي بصوت عالي ): يا نعمان ! يا نعمان !!.. نعمان : سم يا درداس ما الخطب ؟؟ درداس : إسمع يا نعمان !! خذ معك رجلين ممن نثق فيهم وانطلق فوراً بالظعينة إلى مغارتتا الخاصة في الجبل.. وقم على حمايتها وخدمتها .. فإنها سودة إبنة الملك سنام الجبل يا نعمان.. ولا تخبر الرجال بذلك !!
 فهمت يا نعمان !!!
نعمان :أنت متاكد أنها سودة يا درداس ؟؟..
درداس : ليس هذا وقت الإختبار يا نعمان انطلق فليس عندنا وقت وسوف ارجع إليكم فورا بإذن الله !!!
نعمان : منذ متى تقول "بإذن الله" يا أخي ؟؟؟
درداس : استحلفك بالله ليس هذا وقته انطلق واختر الرجال وتحرك فورا !!..
يتجه درداس إلى الظعينة ويقول لها بصوت خافت .. يا أمة الله..
سودة  تلتفت إليه من طرف الهودج وتقول :.. ما الخطب يا درداس ما الذي يحدث ؟؟..
درداس : هناك خَيل قادمة يا سودة سوف يأخذك أخي نعمان إلى الأمان حتى ارجع إليكم بإذن الله !!!
 درداس ( يزيد) : اسمعي يا سودة الرجال لا يعرفون ان نعمان أخي فعامليه على ذلك ولا تخشي شيئا فهو أمين سري.. وقد دربته بنفسي فهم يخشونه لقوته وسوف تذهبي معه مع الحلال بإذن الله ..
سودة : درداس قلت ان هناك خَيل قادمة مازالت بعيدة وما أراها الا خيول عصابة رماة السهام يا درداس !! درداس : وتعرفينهم يا سودة ؟!! سودة : أغاروا علينا كثيرا أحفظ صوت خيولهم وأخشى عليك منهم !! درداس( يتبسم ):لا تخافي يا أمة الله معك درداس السفّاح !!؟؟
درداس : وبما أنك تعرفينهم فبماذا تنصحين يا سودة !؟
 سودة : درداس السفّاح يسأل نصيحة إمرأة !؟
درداس : انت ابنة سيدي الملك سنام الجبل وقد كنت أحبه كثيراً يا سودة !! سودة : صوت الخيول زاد يا درداس ،.. حافظوا على المسافة بينكم وبينهم.. ،احموا رؤوسكم وصدور خيولكم بتروسكم ودروعكم وسيروا في خطوط متعرجة حتى تنفذ سهامهم... عندها باغتوهم وتعقبوهم.. فهم جبناء في السيف أقوياء في النبل ...
درداس : أحسنت يا سودة !!!
 يقبل نعمان يسحب خطام البعير وينطلق به ودرداس يودعهم ويطير بفرسة في الصحراء يصرخ بالرجال :.. التروس الدروع حافظوا على المسافات لا تفتربوا منهم.. فمعهم السهام حافظوا على صدور خيولكم ،.. شرقوا وغربوا في المسير انطلقوا ...
يطيرون كالبرق البارق في الصحراء والشمس أشرقت من بعيد تلمع بإشراقة حزينة.. فمع النور سوف تراق الدماء .. بقترب الخصمان في زوبعة تطير منها الرمال في الصحراء تحول اشراقة الشمس إلى عاصفة صاخبة من الرمال.. يتفرق درداس وعصابته في الأنحاء على غير عادتهم وعادة العصابات التي تقاتل للنهب والسلب.. فتهجم عصابة رماة السهام ولا تدري ترمي على من.. فهم متفرقون متباعدون يقتربون ويهربون ولا تقتلهم السهام.. فتروسهم جاهزة هنا.. فطن كبيرهم انهم مهزومون فبدؤا بالانسحاب قليلا قليلا.. وهنا يصرخ درداس لجنوده لا تلحقوا بهم لا تلحقوا بهم.. فقد عرفوا اننا نعرفهم وهم يراهنون على المباغتة بالسهام لمن لا يعرفهم فيسقطونهم تباعا قبل النزال.. وهكذا ينتصرون !!
 يهرب المهاجمون ويختفوا بعيدا في الصحراء ويتجمع درداس وعصابته يتفرجون عليهم يهربون وهم مصدومون من براعة قائدهم الذي نجاهم من سهامهم بأعجوبة !!
جغبير : وكيف عرفت ان معهم السهام يا درداس ؟..
كان ذلك رائعا منك هذا الصباح !! درداس : تذكرت صوت خيولهم يا جغبير نعم تذكرت صوت خيولهم !!! الرجال : يهتفون .. حيوا درداس السفاح ...حيوا درداس السفّاح !! يحترق جغبير غيرة وحسدا ويجري بفرسة راجعا قبل الجميع... والبقية تحيط درداس وتمشي معه بخيلاء .. درداس يعرف بغية جغبير فيسرع وراءه كي يدركه ويطير من خلفهم الرجال ...
فماذا يفعل جغبير ؟! البقية في العدد القادم بإذن الله .
⁠⁠⁠⁠




الجزء الخامس
يتجمع حول درداس أحب رجاله إليه وهم فرحون بالنصر المباغت السريع.. ودرداس يراقب من بعيد جغبير قد تجمع حوله نَفَر من مريديه المقربين منه... وهم يطيرون تجاه وكرهم في مغارة الجبل فقد كانت ليلة مضنية وصباح صاخب ...
درداس يعلم إن جغبير موتور وخئون وحسود وزير نساء.. فهو الآن يركض ليباغت سودة... ودرداس يعرف فهو أحمق وغبي يفقد عقله عندما يتعلق الأمر بالنسوان ..
درداس يجمع رجاله حوله.. ويبدأ الجميع رحلة اللحاق بجغبير قبل ان يسبقهم إلى المغارة .. وهو موقن ان هناك أخوه نعمان وفيروز وشهران من أقرب وأشد رجاله قوة وولاء لهم كما يعتقدون على الأقل ...
وعندما بدؤوا بالحركة تأخرت فرس مع أحدهم تعرج في مشيها ،... توقف الركب ...
ودرداس : مالك يا زعنون وما لها لطمة وهي إسم فرسة !!
زعنون : ما أرى لطمة إلا قد أصيبت بساقها الخلفية اليسرى بسهم يا سيدي !..
درداس : يالله ليس هذا وقت ذلك يا زعنون !!..
زعنون : اتركوني معها يا سيدي انا أتدبر أمرها والحق بكم.. ويصمت وكأنه يرطن وحده ..
درداس : مالك يا رجل خطف لسانك !!؟؟
 ومن متى نترك رجالنا يا زعنون !!
هلم يا رجال ...
يعود درداس والركب إلى زعنون ولطمة الراقدة علي الأرض ... ينزل درداس والركب وفورا يوقف درداس لطمة بهدوء ورفق وهو يلاطفها بالكلام ... درداس : من لطمك بسهمه يا لطمة سوف نلطمه ونكسر راْسه قريبا لا تقلقي ... ينظر درداس إلى السهم فإذا به قد اخترق الساق تقريبا إلى آخره ،.. فذهب إلى جراب فرسه وأخرج قربة من خمر وسقى منها لطمة فنفرت.. وقال لها ....
درداس : يا لطمة اصمدي سوف أخرج السهم من ساقك ،.. وحتى أخرجه يجب ان ادفعه للداخل حتى يخرج راْسه من الناحية الأخرى... فأكسره ... يتكلم معها والرجال صامتون ينظرون اليه فهذه هي عادته يتكلم مع كل شيئ وكأنه يسمع ويفهم وهم مستغربون .. تشيح لطمة بوجهها للناحية الأخرى وكأنها فهمت عليه... وتقول له إفعل ما تراه مناسبا ولا توجعني كثيرا !!!
يطلب درداس من زعنون ان يمسك بخطامها ويقترب منها حتى يحضنها وفجأة تصرخ لطمة وتسقط على الأرض... فقد دفع درداس السهم فخرج راْسه من الناحية الأخرى ثم كسر راْسه فورا.. وسحبه بحركة سريعة خاطفة ثم سكب الخمر على الجرح وتركه ينزف قليلا... وطلب من زعنون نصف قماش عمامته قصها بسيفه ثم صنع منها درداس ضمادة كبيرة.. وذهب يلتقط من نبات الصحراء نبتا معينا يعرفه شوكيا .. ثم أزال عنه الشوك وطحنه بمقبض سيفه ثم وضعه على الحرج من طرفيه... وربط الضمادة على الجرح ....
يقبل درداس على رأس الفرس لطمة يقبلها ويمسح عليها بحنان غير معهود لا يعرفه الرجال في السفّاح ويقول ... درداس : يا زعنون تبقي انت وميسلون هنا مع لطمة حتي تصلك زلاجة تنقل لطمة إلى الديار حتى تتعافي ... زعنون : بإذن الله يا سيدي !؟
درداس: بإذن الله ....أوتؤمن بالله يا زعنون ؟!..
زعنون (مرعوبا ): عذرا يا سيدي فلتة لسان سامحني أرجوك يا سيدي لن أعود إليها مرة أخرى.. فقد أثر الموقف في قلبي فنطقت ...
درداس : لا حرج عليك با زعنون إنما كنت أسأل فقط !!
زعنون : نعم يا سيدي أنا اؤمن بالله وكم أتمنى ان أتوب الي4 الله وأعيش حياة أخرى.. .
 درداس : وما الذي يمنعك يا زعنون !؟ زعنون : لا أعرف كيف !.. لم أجد من يعلمني ولا أجيد من الحياة الا ما ترى مني يا سيدي ؟!..
درداس ( تدمع عيناه ويشيح بوجهه عنه وهو يقول في نفسه ) : لست وحدك والله با زعنون ؟!..
يهب درداس وهو يصرخ بالرجال هيا فقد سبقنا الساقط كثيرا يا رجال.. يحيي زعنون وميسلون ويتحركون كالبرق البارق تجاه الديار .... هناك يصل جغبير ورجاله إلى الديار حيث مغائر الجبل الأشم وقبل الوصول إلى  الجبل صنع درداس نقطة إنذار أولية تنذر أهل الجبل بأن هناك غرباء قادمون كانوا من كانوا ....
حظيرة من الكلاب الضالة جمعها درداس ورجاله من الصحراء يطعمونها طعاما جيدا وكلما اقترب غريب نبحت بصوت عالي.. وقد دربها درداس على ذلك.. فكلما نبحت بصوت أعلى زاد لها كمية الطعام فأخلصت له وعرفها بأسمائها.. وهناك حظيرة مشابهة مثلها من نفس النوع من الكلاب في وسط الجبل اذا سمعت صوت مثيلاتها من بعيد نبحت هي الأخرى فأفاق أهل الجبل كلهم.. وهنا كان نعمان وشهران واقفان بسيفيهما على اول طريق للجبل.... يتلاقى جغبير والركب معه بنعمان وشهران وفيروز ...
جغبير : أنتم إذا أهل درداس تحرسون الظعينة ...
نعمان : وين درداس والباقي يا جغبير .. وهو متوجس ان يكون قد حدث لهم مكروه ويضيف يا جغبير تأدب ؛... نحن نحمي الأسيرة الأمانة والحلال بأمر سيدي درداس فأين الباقين ؟..
جغبير : هم أولاء علي آثرنا يا نعمان !؟ هلا سلمنا على الظعينة يا نعمان ؟.. نعمان : ومنذ متى يا جغبير نسلم علي الأسيرات.. وخصوصا اذا كانت ظعينة سيد القوم !..
جغبير : ألست انا يا نعمان من سادة القوم...
نعمان : نعم يا سيدي انت من سادة القوم ولكن سيدي درداس أمر الا يقترب منها احد حتى يعود اليها بإذن الله..
جغبير : تقول بإذن الله قد صبأ نعمان يا رجال ؟!..
جغبير : اما ان نرى الظعينة الآن يا نعمان وإلا ذبحناك وصاحباك وفعلنا بالظعينة ما نشاء كلنا كعادتنا ثم نذبحها ورضيعها المزعج ،..
فنحن أكثر منكم بكثير !!
نعمان يتراجع هو فيروز وشهران إلى الوراء امام باب المغارة التي تأوي سودة ورضيعها.. يستعدون للنزال وهو يقول : على جثثنا يا جغبير... فأنت تعرفنا !!!
المشهد يتوتر أكثر وصوت سودة من داخل المغارة : ماذا يحدث يا نعمان ؟ نعمان : تستّري يا سيدتي وتهيائي للأسوأ جغبير ورجاله قد خانوا درداس ...
جغبير ورجاله يتهياؤون للهجوم ونعمان ورفيقيه مستعدان فماذا حدث يا ترى ؟!!


 الجزء السادس
يتراجع نعمان وشهران وفيروز إلى ساحة باب المغارة الكبيرة حيث سرادق درداس الكبير الذي يفتح على قلب الجبل الأشم عند سرادق المغارة .. التي في نهايتها شلال من الماء الدافئ... وآخر من الماء الفاتر ... مما يجعل المغارة دافئة في الشتاء باردة في الصيف ...
يقترب رجال جغبير وهم غاضبون وفي عيونهم الشر وقد بدؤوا في الصراخ فأفزعوا الرضيع الذي علا صراخه... فأزعجهم اكثر وأكثر وبالذات جغبير ...
جغبير : نعمان الأفضل لك ان تترك لنا الظعينة وتنجوا بنفسك وصاحبيك .. فأنتم مقتولون لا محالة هذا إنذاري الاخير لك فماذا انت قائل ؟!!!
نعمان لم يكد يبدأ كلمته واذا بفارس أسود ملثم يطير في الهواء أمام الجمع بخفة ورقة وسرعة فائقة يحمل على ظهره سيفا عجيبا... ويلبس بزة سوداء مشقوقة من جانبيها يظهر تحتها بنطال أسود طويل..
توقف بين نعمان وشهران وفيروز وجغبير ورجاله.... ؛ ينزل على الأرض بخطي ثابتة لا تهتز ويضع كفيه على صدره الواحدة فوق الأخرى... وينظر إلى جغبير ورجاله بتحدي عجيب ... يتراجع جغبير ورجاله والكل يهتز هذه حركات درداس اهربوا يا رجال ... جغبير : يا حمقى درداس جرمه أكبر من ذلك بكثير.. ثم هو مازال بعيدا جدا عنا.. تعالوا ننظر من هذا المغفل الذي يتحدانا يا رجال ...
نعمان وشهران وفيروز يتقدمان إلى الأمام ونعمان يقول تراجعي يا سودة إلى الوراء.. فهؤلاء مجرمون اتركيهم لنا بإذن الله !!!
سودة : أيها الرعاع أنا سودة فارسة العرب ويلكم بإذن الله من غضب الله !!!
 جغبير: انها الظعينة يا رجال قد خرجت لنا بنفسها وقررت ان تنهي الأزمة !!!
سودة :.. من كان منكم رجلا فليخرج لي في النزال !!
جغبير (يقهقه ضاحكا ) : ماذا النزال ؛.. نحن عصابة درداس لا تنازل النساء يا خائبة ..
نعمان : اخرس يا جغبير و يسبه إنها سودة ابنة الملك سنام الجبل ! جغبير : ابنة الملك سنام الجبل ...الذي قتل وانتهى يا نعمان !..
جغبير (ينادي) : يا بهلول اخرج لها .. بهلول هو المهرج والساقي والخادم لهم وهو أضعفهم وأشقاهم ...
بهلول : تريدني ان اخرج لنزال امرأة ...يا للعار ....يا للعار يا بهلول...ثكلتك امك يا بهلول ..
جغبير : اخرج با بهلول واذا ضربت عنقك الآن !..
بهلول يخرج من الصف يائسا ويسرع تجاه سودة بسيفه وما ماكاد ان يصلها حتى طارت من فوقه وضربت سيفه فطار إلى يد نعمان.. فامسكه وضربت رأسه بمقبض سيفها فسقط مغماً عليه أمام الجميع... وهم مذهولون صامتون واجمون لا يكادون يصدقون ما يحدث قط.. ونزلت سودة مكانها وهي تمسك بكلتا يديها مقبض سيفها الطويل العجيب ...
 جغبير : جاحد !! جاحد :
نعم سيدي !!
جغبير : عليك بها يا جاحد.. وهواخطرهم وأكثرهم همجية وقوة وصلفا وكبرا وحقدا على درداس لأن درداس أقوى منه... وهو يقاتل بسيفين لكل منها راسين مسممان سما زعافاً.. يتقدم جاحد المجرم يتهادى في الساحة...
وهنا يتقدم له شهران وفيروز يهجمان عليه فتثور الغبرة وتطير سيوف فيزوز وشهران في الميدان... فيتراجعان للوراء ويضحك جغبير وجاله للموقف الغريب .... هنا تصبح سودة ونعمان في وسط الساحة فيحاول نعمان التقدم فتقول له سودة يا نعمان أحمي لي ظهري... فصاحب هذين السيفين هو الذي قتل أبي غدرا قد عرفت العلامة بإذن الله ...
 سودة تسحب سيفها الثاني وتطير في الهواء من حول جاحد تضربه وهي في الهواء على رأسه بمقبضي سيفيها فيسقط على الأرض يدور يترنح... ثم تقف على صدره فتضرب كلتا يديه ضربة واحدة مزدوجة فتطير سيوفه على الأرض مع يديه بعيدا... ثم تنظر إلى جغبير الخائن وتقول.. انت الرجل الملثم الذي كان معه يوم الخديعة الآن تذكرت صوتك يا رعديد ؛..
تضرب سودة رأس جاحد.. وتقول هذه ضربة لأبي للملك سنام الجبل.. وعندها تعوي الكلاب فيهرب جغبير وبقية رجاله لأنهم علموا ان درداس ورجاله كادوا ان يصلوا ...
نعمان : يسرع خلف الرجال فتقول له سودة اتركهم يا نعمان... تعال ننقذ شهران.. فقد اصابه سيف جاحد المسموم ...
فيروز يراقب الركب الهارب وسودة ونعمان يهبان لإسعاف شهران الذي يتزف من كتفه وقد تغير لونه ..
سودة : نعمان لا تقلقي يا سودة سوف أجهز الماء المغلي جهزي أنت نبت الأرض من الأعشاب فقد علمني أخي درداس ...
تقبل سودة على شهران تسقيه الماء وتقول له لا تقلق لهذا السم ترياق فلا تخف وأمسك جرحك كي لا تنزف الكثير بإذن الله ...
شهران : انشالله خير سيدتي لا تقلقي فأنا بخير بإذن الله ...
من بعيد يسمع صهيل الخيول فيسرع نعمان لمعرفة القادمين من باب الاحتياط فهو يتوقع ركب درداس .. ولكن من يدري هكذا تدرب وهكذا يجب آن يكون حتى لا تأتيه الضربة وهو غير مستعد باْذن الله ...
تذهب سودة للإطمئنان على رضيعها أولا ثم تعود لجمع عشبة الأرض... ولم يمض الا القليل ويصل درداس ومن المشهد حيث يرى جاحد مقتولا على الأرض... يعرف فورا ما حصل ويسأل نعمان وهو على الخيل..
فيسأل درداس ويقول..
ومن أين هربوا.. فيشير اليهم من هناك.. ويرى درداس سودة في زي الميدان فيقول وماذاك يا سودة ... سودة :.. تلحق بهم أولا ثم تأتي يا سيدي لتعرف كل شيئ !!
يغضب درداس وتملأ راْسه الأسئلة الا انه يعرف ماذا يجب عليه فعله الآن .. درداس : يا فيزوز هناك عند ناصية القلعة زعنون وميسلون معهم لطمة فرس زعنون.. قد أصيبت بسهم في ساقها.. فليذهب من يحضرها بزلاجة خذ من عندي رجل واذهب معه بإذن الله.. واترك سودة ونعمان مع شهران حتى أعود بإذن الله ...
ينطلق درداس ورجاله بعيدا في عمق الصحراء ...






 الجزء السابع
انطلق درداس ورجاله يقصون أثر جغبير الغدار الهارب مع رجاله... فقد سبقوهم بفترة كافية ليغيبوا عن بصرهم في الصحراء... وجغبير قد تدرب على يدي درداس... فهو يعرف فن التمويه والتخفي والتستر من الإعداء في الصحراء... ولكن درداس لأنه لا يثق به لم يعلمه كل شيئ.. وَلا يعرف درداس ان جغبير هو وراء جريمة اغتيال الملك سنام الجبل قط .. درداس : توقفوا يا رجال هنا ينقسم الأثر قسمين وهذا أثر ثالث ينضم إليهم.. فما هي القصة يا ترى ؟..
دربال ( قصاص الأثر الركب من بعيد ) : سيدي انضم إلى ركب جابير عصابة القواليص.. كما انقسم الجمع كله قسمين ؛..
قسم اتجه شمالا وما أراه الا يعود إلى مغارتتا لأن الطريق من هنا لا يوصل الا هناك بسبب.. الجبال العالية التي لا ازقة فيها قط..
وأما القسم الثاني وفيه فرس جغبير وليس فيه جغبير اتجه جنوبا وما أراه الا تمويها يا سيدي !!!
درداس : جغبير "الكلب" لا يتعلم قط ومن ركب فرسه يا دربال ؟!..
دربال : رجل تقيل وما أظنه إلا عاقص البرميل يا سيدي !!..
درداس : دربال !!.. تذهب أنت ورجلين معك خلف الأثر التمويه.. وعندما ينقطع بك تعود فورا إلى المقر في المغارة حيث نكون قد سبقناك بإذن الله ...
دربال : لن يكونوا قد سبقوا كثيراً وهم ثلاثة فقط.. نحن ان لحقنا بهم نعدمهم يا سيدي !!..
درداس : لا يا دربال اذا اكتشفت الأمر انه تمويه فعد فوراً... ولا تبغ النزال بإذن الله.. فنحن نريد سيفك معنا يا دربال بإذن الله..
وكم يحتاج جغبير ورجاله كي يصلوا المغارة بإذن الله ؟؟
 دربال : اذا انطلقت الآن بأقصى سرعة فسوف تسبقه وتكمن له بإذن الله !.. درداس يلوي رسن فرسة ويطير ويطير مع الرجال كلهم عائدين وهو يقول :.. "الكلب" الخائن الغدار سوف أشمت به وبرجاله اليوم وأكمل بهم الثمانين ويزيد ويسكت... فلم يقل بإذن الله .. وهناك في مقر المغارة نعمان وشهران وفيروز وسودة تداري رضيعها وتخرج تحمله ...
سودة : يا نعمان ترا جغبير خائن وغدار فحذار ان يدور من الطريق الجبلي ويباغتنا عنوة ونحن غافلون !!.. نعمان :صدقت والله يا سودة... ( ينادي فيزوز وعندها يصل زعنون وميسلون واخرين يجرون زلاجة عليها لطمة فرس زعنون) ...
نعمان : هيا يا رجال علينا الحراسة والمراقبة من طريق الجبل كي لا يباغتنا جغبير الحقير ورجاله ونحن غافلون !!..
فيزوز :سيدي يجب أن تخرج سودة من تلك المغارة إلى مغارة الناصية للحماية يا سيدي هي ورضيعها !!.. نعمان : فكرة صائبة يا فيزوز.. ويبدأ ينادي سودة يطلب منها تجهيز نفسها ورضيعها لتغيير المغارة للأمان ...
ينهي نعمان دفن جثة جاحد بعيدا في التراب ويعود إلى الرجال للحراسة والتفقد ..!!!
تخرج سودة من المغارة الكبيرة الي4 مغارة الناصية الصغيرة الباردة وهي تلف رضيعها لفا جيدا... فقد رضع ونام فهي لا تريد منه ان يفضح مكانها لاحقا بصراخه... وجهزت نفسها هي أيضا الميدان ...
نعمان : سيدتي سودة تبقي أنت في المغارة فهم يريدونك أنت للقضاء على درداس.. فلا تخرجي الا اذا أجهز علينا كلنا.. وما أرى درداس الا ويفطن لمكر جغبير ورجاله !!!
 زعنون (ينادي نعمان ):يا نعمان !!!
يرد عليه نعمان من بعيد ..
 نعمان : سم يا زعنون ما الامر ؟! زعنون : من بعيد ونحن عائدون رأيت خيلا كثيرة تتجه نحو طريق الجبل .. وما أراهم الا عصابة القواليص الخونة قبيلة جغبير... فإذا لقوا جغبير فسوف يكون وضعنا صعبا جدا يا سيدي !!! نعمان : لا تذكر ذلك لسودة او الرجال.. وما أظن درداس الا على وصول بإذن الله !!!
وما ان يكمل نعمان كلامه ولا بخيل درداس تصل المقر في وقت قياسي قصير ...
درداس( ينادي ):نعمان فيرد عليه من بعيد الحمد لله!!!! الم أقل لكم !!؟
هنا يتنفس الجميع الصعداء ...
نعمان : ما الذي حدث يا درداس ؟! درداس يشرح لنعمان الوضع و يضعه نعمان في الصورة ويطمئنه على سودة ورضيعها.. وكيف انها توقعت خيانة درداس وأنها تعتقد ان جغبير هو وراء عملية اغتيال أبيها ...
درداس يسرع عند سودة بعد ان يطلب من الرجال ان يرتاحوا هنيهات فقط ويشربوا ويجلسوا ويقضوا حوائجهم .. درداس : الحمد لله انك بخير يا سودة ! يطير قلب سودة فرحا وتطير إلى درداس تريد ان تحضنه فيتراجع ويشير إليها بيده ان خلفه الرجال .. درداس : قلت ان جغبير هو الذي خطط لاغتيال أباك يا سودة ؟!..
سودة : نعم يا درداس عرفت ذلك بعلامتين... الأولى سيف جاحد المجحوم المشقوق ...
والثانية صوته ثم اللثام الذي على وجهه ...
درداس : متي كان ذلك يا سودة ؟! سودة ( تصفن وترجع بالذاكرة ) :.. سنة وزيادة فقد حملت برضيعي قسرا بعد ثلاث شهور من اختطافي وأسري يا سيدي ...
درداس : صدقت يا سودة هذا الوقت الذي طلب جغبير مني انه يريد ان يذهب إلى زيارة أهله وقبيلته القواليص ...
سودة ( تكمل ): وعندها أسروني تمرد عليهم العلج وهاجمهم طمعا في أسري.. وهو الذي حررتتي منه بفضل الله ..
من أجل ذلك كان يصر على مهاجمة تلك المضارب.. وانا لم أكن أفهم السبب عندها كم هو حفير !!درداس : قد يكون عددهم كبيرا فاخفي ولدك وكوني جاهزة سنكون جميعا جاهزون لهم بإذن الله ...
سودة : قد أخبرت نعمان ماذا يفعل برضيعي ان حدث لي شيئ لا سمح الله ...
درداس : ستكوني بخير انت ورضيعك يا سودة بإذن الله أعدك.. بذلك بإذن الله ...
سودة تفرح وتلمع عيناها وفيها دمعتان تترقرقان يراهما درداس فيخرج من توه من ميدان إلى ميدان ...
يخرج درداس يصيح بالرجال ان تجمعوا حولي فيتجمع الرجال ولا يبقى الا فيزوز ونعمان يحرسان الميدان ...
درداس : سوف نعد لهم كمينا محكما يا رجال.. وما أراهم الا قريبون فاليوم نزال واي نزال بإذن الله ...
درداس ( يكمل ) : سوف ننقسم إلى ثلاثة أقسام.. القسم الأول المميمنة سوف تذهب يميناً خلف المغارة الكبيرة وتختبئ خلف الجبل الأشم حتى يمرون من أمامهم وهم صامتون صمت... إلى الجبل لا يتحركون.. وعندما يسمعوا صرختي هجوم يباغتوهم من الميمنة بإذن الله ... والقسم الثاني الميسرة تظل إلى الوادي وتتداري هناك بالتلال وتختفي في المغائر حتى يمروا من أمامهم ... والقسم الثالث ملثمون معي هنا في قلب الجبل حيث المغارة الكبيرة ومعي نعمان وفيروز وزعمون وميسلون واثنين من الرجال فقط ؛..
فاذا أرسل جاسوسه يطمئنه إننا لم نصل فيضرب ضريته بكل غرور وانا على يقين انه سوف يتسلل إلى المغارة ليأسر سودة حية... ويقتل رضيعها ونكون له بالمرصاد بإذن الله هو ورجاله ...
درداس : اذا عند الصرخة يا رجال يكون النزال بإذن الله... والقواليص جبناء أنذال لا تأخذكم بهم رحمة بإذن الله ....
يوزع درداس الرجال بخبرة وعلم وينطلق كل إلى مكانه متحفزا وسودة تراقب من بعيد تحبس أنفاسها !!! فماذا بحدث يا ترى ؟!!

⁠⁠⁠
الجزء الثامن
انطلق درداس ورجاله إلى البراحة دون الجبل.. ووزع درداس رجاله كل في موقعه.. وتقدم هو وفريقه نحو المغارة الكبيرة التي يفترض ان تختبئ فيها سوده كي يقوموا بالتمويه بأنها تختبئ فيها مع رضيعها التي اجتهدت في إرضاعه... كي لا يفضح موقع اختفاءها في المغارة الجانبية ....
الكل في موقعه كامن صامت ينتظر لحظة الصفر للاشتباك بهدوء ممل غريب... حذّر ودرداس وفريقه يحرسون المغارة الكبيرة ...
درداس : نعمان اختبئ خلف المغارة .. فأنا أتوقع ان يتسلل جغبير بنفسه لخطف سوده ثم استخدامها كرهينة عليّ وعلينا جميعا فيضعف صفنا .. نعمان : هو أجبن من ذلك يا سيدي.. وأقل ذكاء لمثل ذلك الفعل ...
درداس : جغبير في أمر النسوان رجل آخر لا يعرفه غيري يا نعمان !!.. نعمان : أنت وذلك يا سيدي بإذن الله .. درداس : اذا احسست بأي حركة لا تبادر بالتعامل معه.. أصفر صفرة البومة ألحق بك.. فأنا أريده حيّا يا نعمان بإذن الله ...
نعمان : سم يا سيدي بإذن الله.. ( ينطلق نعمان خلف المغارة من توه ).. يمضي الوقت بطئيا غريبا هو الى السرعة أقرب منه إلى البطء.. والرجال على شفرات سيوفهم قابضون تحسبا لأي تحرك مباغت ...
وفجأة تحدث حركة في طرف الوادي فيتغير وضع الميدان ؛..
يتحرك رجال جغبير بهدوء على خيولهم من الوادي كما توقع درداس .. ويظهر من قعر الجبل فريق آخر يتحرك بهدوء.. وعندها يسمع درداس صفرة البومة خفيفا فيتحرك نحو نعمان .. نعمان : رأيت جاسوسهم اقترب من خلف المغارة وتفحص الميدان ثم رجع سريع وخفيف لا صوت له.. ولولا أني رأيته ما عرفت شأنه ...
 درداس : اذا جغبير الآن قادم بنفسه يا نعمان بإذن الله ؛.. خذ مكاني هناك في الساحة الكبيرة وانا أتولى أمر جغبير !! نعمان : لا يا سيدي بل أبقى هنا وإذا تأكدت منه صفرت مرة أخرى بإذن الله..
درداس: نعم الرأي يا نعمان..
( يرجع درداس مكانه فوجوده ببن الرجال في الساحة الكبيرة يرفع معنوياتهم كثيرا )...
يقترب فريق جغبير من الجبهتين ولايرى أحدا ينتظره فيستغربون ويقررون التقدم فليس فيهم قائد حصيف يفهم أن هذا كمين لهم.. فيتقدمون وكلهم حقد وغضب وانتقام .. وهكذا هم القواليص أغبياء متهورون دوما ...
يلتقي رجال جغبير بفريق درداس في الساحة الكبيرة عدد كبير جدا مقابل عدد محدود من الرجال... فتأخذهم العزة بأنفسهم والخيلاء والغرور بالنصر المؤزر ...
كبير القواليص : من منكم درداس الأرعن ؟!..
فيزوز : اخرس يا قويليص !!!
درداس : لا ترد عليهم يا فيروز والزم مكانك ولا تغادره ...
هنا يسمع درداس صفرة البومة فيعلم ان هذا غدر جغبير الذي يعرف متى يهجم ليحقق هدفه بغدر وخيانة.. فهو لا يبالي بأحد الا نفسه فقط ...
يدرك درداس ان هذه هي اللحظة الخطأ التي يترك فيها الميدان فيتراجع إلى الوراء ويهمس في أذن فيزوز ان الحق بنعمان وتصرفا بما يلزم بإذن الله ...
يتحرك فيزوز كالسهم من بين الصفوف متسللا ...
كبير القواليص : ما لرجالك يفرون من الميدان يا درداس ؟!..
درداس : إسمع أيها الساقط أنذرك أن تستسلم أنت ورجالك.. وإلا فان نهايتكم وخيمة مميتة ...
كبير القواليص : أيها الأرعن من منا الذي يفترض ان يستسلم يا أحمق ... درداس : أكرر إنذاري الأخير أيها الساقط !!..
كبير القواليص : اهجموا يا رجال !! درداس :يصرخ بصوت مدوي .... هجوم !!!!!
فيينقض الرجال من الكمائن كالبرق البارق من كل الاتجاهات على القواليص ورجال جغبير وتبدأ معركة حامية الوطيس...
ودرداس عقله ونظره هناك تجاه المغارة الكبيرة تارة وتجاه المغارة الجانبية تارة أخرى ...
نعمان :قد أسرنا جغبير يا درداس ... فيهتز الميدان ويتراجع القواليص على خبر أسر جغبير وهنا يتحرر عقل درداس ويبدأ صراخ الأسود في الميدان ودرداس يعد في ٦٩ ،٧٠، ٧١وهكذا...
ظل يعد يعد والرجال ذاهلون من حوله كيف يقاتل هذا الرجل وحده العشرات من الرجال في آن واحد.. ومن هناك من الممغارة الجانبية تراقب سودة الميدان وقلبها بين يديها تارة على رضيعها.. وتارة على نفسها... وتارة على درداس... وكلما طارت رأس رجل من سيفه البتار لا تدري أتفرح ام تحزن !!! ظلت المعركة محتدمة ثم بدأت تنكشف وتهدأ بسرعة فقد كانت مباغتة صادمة القواليص من كل الاتجاهات ... درداس : الي5 كل الباقين استسلموا وهذا إنذاركم الأخير !!..
رفع الرجال رؤوسهم م وألقوا على الأرض سيوفهم وجثوا على الأرض على ركبهم... كما أمروا تماما ثم بدأ الرجال بتفتيشهم وتقييدهم واقتيادهم إلى مغارة السجن الجانبية ...
يسحب نعمان وفيروز جغبير إلى وسط الساحة مربوط الرجلين واليدين معصوب العينين ...
درداس: أيها الخائن اليوم تلقي مصيرك بإذن الله وأكمل بك ٩٨باذن الله ... سودة : من بعيد لا يا سيدي هو لي انا بإذن الله أقتله قصاصا لوالدي الملك سنام الجبل رحمه الله ...
درداس : هو لك يا سودة !!!
جغبير : اتوسل إليك يا سيدي لا تفعل اقتلني بنفسك ...
لا تقتلني إمرأة ... لا تقتلني إمرأة سودة :أيها الخائن الغدار وما الذي يفرق سم الموت سم لا يفرق من يجرعك إياه... وتضربه ضربة تنخلع منها قلوب الرجال وهي تقول ...خذها يا عدو الله ..خذها يا عدو الله .... ينقشع الميدان ويهدأ.. ويبدأ الرجال بالتراخي والهدوء وسحب الجثث تمهيدا لدفنها وهنا تقترب سودة من درداس والدموع في عيونها ... سودة :الشكر لله ثم لك يا سيدي ثم ترتاع وتصرخ مرة واحدة ... فلماذا .؟؟؟؟!!!!

⁠⁠⁠
الجزء التاسع
إرتاعت سودة وصرخت عندما رأت درداس ينضح دمه من كتفه.. وهو صامد لا يشتكي ولا يصرخ ولا حتى يتألم تقترب منه ..
 درداس : سيدي تعال بسرعة فأنت تنزف يالله يالله ..
 درداس لا يكاد يلتفت إليها ويستمر في معاونة الرجال في شئون الميدان. .( فتشير سودة لنعمان ان إفعل شيئ بسرعة الآن )...
نعمان :يا درداس لا تكابر أنت مصاب دعنا نساعدك فأنت تنزف وهذا أمر جلل ...
يتقدم إليه يشده من يده السليمة إلى المغارة الكبيرة وهنا يشعر درداس بدوخة في رأسه من شدة نزف الدم.. فيقبل العرض من أخيه ويذهب معه إلى المغارة.. وما ان يدخل المغارة حتى يسقط مغشيا عليه فقد نزف نزفاشديدا وهو يكابر ...
ينادي نعمان فيروز ليساعده في سحب درداس فهو ضخم وثقيل ،.. يدخل فيروز فيذهل من منظر درداس مسجي على الأرض ؛.. يهمس إليه نعمان : اسحب معي ولا تخبر أحداً بذلك بإذن الله ...
سودة تسرع بغلي الماء لضماد الجرح ودموعها تغطي وجهها من شدة الدموع خوفا وحزنا على درداس السفّاح ...
يسحب درداس إلى سريره في المغارة الكبيرة ويقوم الرجلان بخلع ثيابه العلوية كي يعاين الجرح.. وتبدأ عملية الضماد والعلاج وسودة تنظر إلى جسدة وعضلاته مصدومة مشدوهة من هذا الرجل العجيب ...
يخرج نعمان وفيروز إلى ساحة الميدان لإكمال بقية العمل المطلوب وتظل سودة مع درداس لتطبيبه وعلاجه .. الجرح كبير وغائر والنزف توقف عندما ربطت سودة مكان الجرح بعصابة شدتهابقوة شديدة.. وربطت الكتف من أعلاه بعصابة أخرى كي تقلل تدفق الدم في الشريان العضدي الكبير .. بدأت تحضر بعض الحساء باللحم كي تعوض الرجل ما فقد من الدم بالغداء.. تنتظره حتى يفيق من غيبوبته.. وتدعوا له ...
توقف النزيف تماما فنظفت سودة الجرح وربطته ثم قامت لرضيعها الذي استيقظ من توه للرضاعة...
ودرداس مسجي مغطى لا حراك له الا ان أنفاسه واضحة ظاهرة.. فقد تأكدت سودة ان الجرح غيرمسمم والحمد لله كما قالت ...
انتهت سودة من رضاعة ابنها والحساء يغلي على القدر فوق النار فيدخل نعمان وفيروز إلى المغارة ... نعمان :كيف هو درداس يا سودة لعله بخير ؟..
سودة : الجرح غائر الا أنه غير مسمّم والحمد لله ؛... قد توقف النزف وربطت الضماد عليه.. وانتظر ان يفيق كي يأكل ويشرب الحساء ؛..
تفضلوا وتسكب لهم غرفا من الحساء في صحون.... مجوفة من الفخار فيفرحون بها وتتهلل وجوههم فيجلسون ...
سودة : كيف حال الميدان ؟..
نعمان : رفعنا الجثث وهي الآن تدفن بهدوء.. فلا نريد ان ننتظر لها الصباح بإذن الله ؛..
والأسرى في حراسة مشددة والرجال بدؤوا الطبخ للطعام فقد كانت ليلة ونهار صعيبين ...
سودة :قد نزف درداس كثيرا واظنه يحتاج إلى وقت ورعاية كبيرة فعليكم ترتيب الأمر مع الرجال... واعلامهم بالأمر بهدوء.. وإنني سأقوم برعايته حتى يشفى بإذن الله ....
نعمان: لا نشك في رعايتك له يا سودة.. وسنحاول إعلام الرجال بهدوء ولا نريد لهم ان يتمردوا علينا.. فليسوا كلهم من المحبين له يا سودة.. ولكن سوف نجمع الموالين له ونتفق على سياسة معينة مناسبة لحمايته وحماية العصابة كلها بإذن الله ...
سودة : نعم الرأي يا نعمان والله يوفقكم ...
فيروز : هل يفيق درداس يا سودة ؟ سودة : ربما يفيق لاحقا يا فيروز.. وسأجمع بعض العشبات من الأرض ليشربها وتنعشه فيفيق بإذن الله يجب ان يأكل ويشرب باْذن الله ...
نعمان :كم تتوقعي له يا سودة ان يظل هكذا ؟..
سودة :بضعة أسابيع بإذن الله إن تجاوب مع الدواء والغذاء والدعاء وأمن مكر الأعداء ...
نعمان : الله الشافي ...
يخرج ويلحقه فيروز وسودة منشغلة في في تنويم رضيعها بإذن الله...
فماذا يكون من أمر درداس وسودة ؟

 


الجزء العاشر
أكملت سودة رضاعة إبنها وتغيير ملابسة الداخلية.. وتقميطه جيدا كي ينام بهدوء... ثم هرعت إلى درداس المسجي إلى جانبها في غيبوبة.. يتنفس انفاسا عميقة هي أشبه بالشخير.. وقد غطته بغطاء دافئ وحفظته من هوام الأرض وحشرات المغائر.. بقطعة من الشاش الأبيض علقتها حولة كالمظلة وهي تراقبه بصمت وصبر وغموض ...
تتحدث في نفسها بعجب وإعجاب وتقول.. معقول هذا هو درداس السفّاح الذي تهتز لسيرته العشائر والقبائل... وتخاف منه ومن سيفه صناديد الفرسان ؛..؟؟
يالله ما أضعفك أيها الانسان ؟..
أما آن لك يا درداس ان تتوب إلى الله ...فأنا أراك لا كما يراك الناس ...
أنا لا أراك سفاحا.. بل أراك ملكا حنونا عطوفا شهما غيورا كريما قويا ذكيا خبيرا رائعا ...تعرف يا درداس ...
أني أحبك والله.. أحبك وانا يمكن أن أفديك بروحي بإذن الله ...
متى تتوب إلى الله درداس ؟؟!! جلست سودة في محرابها تصلي وتدعوا إلى الله ان يهدي درداس وأن يتوب درداس إلى الله توبة نصوحا... وان يغفر له كل ذنوبه وان يقبله عنده... وظلت تدعوا وتدعوا وتدعوا وتبكي بدموع غزيرة وحرقة وشغنفة احرقت روحها ...
فجأة يطرق باب المغارة نعمان ... نعمان : السلام عليك سيدتي..
سودة : وعليك السلام يا نعمان !! نعمان : كيف هو درداس يا سيدتي ؟! سودة : كما تراه يغط في نومه وما أراه الا يستيقظ غدا فجراً بإذن الله !! نعمان : بإذن الله ؛.. وأنت كيف حالك ورضيعك ...بخير ؟!..
سودة : الحمد لله انا بخير ورضيعي نائم شبعان بفضل الله !!
كيف هو الوضع عندكم يا نعمان.. ما أراك الا في فمك كلام !؟..
نعمان : الوضع عندنا آمن يا سودة.. الا ان الرجال يريدون رؤية زعيمهم وقائدهم ؛.. فمتى يا ترى يمكن ذلك بإذن الله ؟!
سودة : غدا ظهرا بإذن الله يا نعمان.. يمكن ذلك ان استمر الحال على ما هو عليه.. فهو نائم يشخر وهذا دليل خير بفضل الله ...
نعمان : أبلغهم ذلك يا سيدتي ،.. وأعلمك ان بعض الرجال وهم ثلاثة قد تَرَكُوا العصابة ورحلوا بعد ان عرفوا بإصابة درداس.. وهم من الذين يكرهونه ولذلك نحن محتاطون جدا من أي هجوم مباغت... فترقبي وكوني محتاطة دوما.. ونحن هنا سدادون بإذن الله فلا تقلقي.. وكوني في الصورة ...
سودة : هل تتوقع عمليات خيانة او اغتيال غدري يا نعمان ؟!
نعمان : عالم العصابات قذر أسود قبيح لا يخلوا من كل فعل دنيئ... فترقبي واحتاطي سيدتي سنبذل قصارى جهدنا لحمايتك وحماية أخي درداس بإذن الله ...
يخرج نعمان ويترك سودة في حيص وبيص لا تدري ما تقول ولا ما تفعل .. تعود سودة إلى محرابها مناجاتها.. فجأة يهتز درداس في مكانه فتهرع إليه... واذا به يعرق عرقا شديدا وحرارة جسدة عالية جدا؛... فتبدأ بتجهيز الضمادات الباردة على جبينه وصدره وهي في حرج وخوف وحزن شديد .... لقد خافت سودة ان يكون الجرح قد التهب وهذا يعقد الأمر في الوقت الغلط الذي بدأت تخشى فيه هجوما انتقاميا مباغتا غدارا خئونا من اي مكان وفي اي وقت ...
يمر الليل على سودة وهي في محرابها تصلي وتدعواوتراقب درداس السفّاح المسجي إلى جانبها.. وهي تراقب مداخل المغارة وكل حركة وكل صوت بالخارج.. وحركات الحراس وهم يطوفون المداخل بهدوء وصمت وحذر .... يمر الوقت ثقيلا عجيبا على سودة... وهي تغفوا قليلا تحضن رضيعها بحنان ورحمة.. فقد نامت من شدة التعب والإجهاد والنعاس ...
عند الفجر يبكي الرضيع لتستيقظ سودة فورا تنظر إلى درداس وهو مازال هناك مسجي الا انه قد قلب على جانبه الآخر فاستبشرت خيرا ،..
أكملت عناية رضيعها ثم هرعت إلى درداس تراقبه وتمسح على جبينه بالقماش البارد من كمادات الضمادات .. وما ان تصل بدها إلى جبينه اذ يفز درداس من رقدته ويمسك يدها بقوة.. وتبحث يده الأخرى عن سيفه فتصرخ سودة :...
يا نعمان !!! يا نعمان !!!
يدخل نعمان المغارة فورا فيرى المشهد العجيب درداس يمسك بيد سودة بعنف وكأنه يريد ان يقتلها بعنف.. فيصرخ به ويهجم على يد درداس يلمها بهدوء فهو يعرفه اذا قام مفزوعا من قبل.. ويقتل سودة لن تراعي لن تراعي هو دوما هكذا يحلم احلاما عجيبة ويقوم مفزوعا كالمجنون ... نعمان يهدأ درداس ويطلب كوب ماء من سودة بعد ان خلص يدها من يد درداس بصعوبة ...
سودة : ماله يا نعمان قد أفزعني ؟! نعمان : انه يهذي من الحمة يا سودة ؛.. فلا تخافي المهم انه استيقظ وهذا خبر سعيد والحمد لله.. الآن يهدأ ويجلس ليأكل ويشرب فلا تقلقي نحن بخير .. درداس يتأمل نعمان ويبحلق في وجهه وعيناه ونعمان وكأنه يعرف كيف يتعامل معه.. يهمل نظراته ولا ينظر اليه ويبدأ في أجلاسه بهدوء وصبر فهو ثقيل... ويطلب من سودة أحضار الحساء والطعام له ...
يبدأ نعمان بالحديث مع درداس وكأنه طفل صغير.. ودرداس يستجيب له بشكل غريب يدهش سودة التي تراقب من بعيد...
هذا الوحش الكاسر المنتفض الذي يستجيب لأخيه كطفل صغير..
وتحضر سودة الحساء والخبز ويبدأ نعمان بتلقيمه غرف الحساء المغموس به الخبز.. وهو يشرب ويأكل وهو يبحلق بأخيه نعمان الذي يلقمه ولا ينظر في وجهه أبدا...
ويتكلم معه بهدوء وكأنه يداعبه كما تداعب الأم طفلها وهي تطعمه ... سودة مذهولة مما يحدث وعي فقط تتفرج على المشهد العجيب ...
نعمان : لا تستغربي يا سودة انا أخوه الأصغر.. وكانت تأتيه هذه الحالة طيلة عمره وانا الوحيد الذي يقبل منه مثل هذه المعاملة لا غير... حتى يفيق تماما لأنه يكون قد حلما او رؤيا مروعة تخيفه... فينفصم ثم يعود رويدا رويدا إلى وعيه وطبيعته سريعا... ولما كانت الإصابة جعلت وضعه أسوأ من الوضع العادي يا سيدتي ...
نعمان : درداس ...درداس ( ينادي اخاه ) ... انا نعمان أخوك الذي يحبك ماذا حلمت هذه المرة يا أخي احكي لي احكي لي ؟!
سودة يشدها الوضع والمشهد فلا تدري ماذا تفعل.. فهي مستغربة من هذه المعاملة الحنونة بين اخوين سفاحين.. في موقف فريد غريب... وتريد ان تعرف ماذا كان يحلم درداس ...
نعمان : يا سودة أحلام درداس هذه غريبة وكلها وكأنها حقيقة حادثة.. فاسمعي واحفظي وكأنه ليس هو الذي يتكلم ...
درداس ( يجلس بهدوء وينظر إلى نعمان.. ويبدأ يروي حلمه لأخيه الذي يسمع مصغيا بهدوء... وسودة كذلك كلها آذان صاغية لحلم درداس ...
فماذا حلم درداس يا ترى ؟
البقية في العدد القادم بإذن الله



 

العدد الثاني
bottom of page