
موقع أنفاس الروح

حكايات د.محمد أبو نجم
قصه المعجزة والمستحيل
اختصار للقصه
الحلقه السادسه
الحلقه الخامسه
الحلقه الاولى
"كرسي الامال "
جلس جابر علي صخرة "كرسي الآمال" ...كما يسميها هو ..ينظر الي القرية من تلة فوق سفح الجبل ...يتأمل من بعيد بعيني عقله السجين ...تري ماذا حدث لسيرين ...أكيد الان كبرت وصارت غير وتزوجت وصار عندها اولاد ...إه إه من قهر العمر وضيق الفقر والحال ...يالله يالله يالله ...وفي كل مرة يجلس علي كرسيه في كل يوم قبل الغروب الذي يحسه ...ويذكر الله بهذه الآهة الزافرة ...يظهر أمام عينيه نور خافت من بعيد وكأنها عين تراقبه من بعيد ...عين تبصر ولاتنطق ...فقط تراقب وتنصت وتصغي بكل وقار وحب ...جابر يحس بها ويكاد أن يراها بعين روحه ...إلا أنه لم يجرأ يوما أن يحاكيها أو أن يناديها رهبة واحتراما وأحيانا ...خوفا ...
صوت ينادي من فوق الجبل ...جابر ...جابر : نعم يا أبي !!!
اصعد فوق ...تاخر الوقت ...دير بالك وأنت طالع يابا ...!!!
جابر : باْذن الله ...لا تقلق يا أبي ...أنا جاي الان .
يصعد جابر بخطوات واثقة رغم أن الدنيا أظلمت علي سفح الجبل ذو الصخور المدببة الجارحة ...الا انه يقفز قفزا كالغزال وبطريقة بهلوانية غريبة لا يتقنها الا محترف مجرب ... نعم أن جابر أعمي ولد اعمي منذ طفولته وهو سجين العمي الميؤوس من شفاءه كما يقول الحكيم ، ولد في كوخ علي تلة عالية في سفح الجبل المطل علي قرية وادي الزهور ، هو منذ أن كان صغيرا يصعد وينزل من طريق حفظه عن ظهر قلب فلا يفرق عنده النور او الظلماء هو يقفز فقط ويعرف تماما موطأ قدميه اللتان لا تخطئان ...طبعا وهذا كان ثمنه كسور ورضوض وجروح كثيرة كان "الحكيم أبو سيرين "حكيم القرية الذي يساعده في علاجها أنداك !!!
ولكن جابر توقف علي النزول الي القرية مع ابيه " مصلح الأحذية " منذ سنين لأن أبوه ايضا بصره ضعيف جدا وزاد ضعفه كثيرا لتقدمه في العمر مما منعه من النزول الي القرية وصار من يريد إصلاح أحذيته ياتي الي سفح الجبل ...حيث يكون جابر جالسا علي كرسي الأمل يوصل الطلبات من والي ابيه من الزبائن وكل أهل القرية يعرفون "جابر الاعمي " الضرير المسكين الذي يضع عمامته علي منتصف عينيه حتي يعرف الناس انه جابر الأعمي فهو يكره استخدام العصي مثل ابيه .
في الصباح الباكر وعلي غير عادة ...أبوه يوقظه ...يهزه هزا ...جابر ولدي ...أصح قوم الان ياأبني !!!
جابر : خير ياأبي !!! أمك حرارتها عالية جدا ومخطرة !! لازم تروح علي بيت أبو سيرين تشتري دواء الحرارة انت بتعرفه يلا يا إبني أمك في خطر !!!
انخلع قلبه هلعا علي أمه حزنا وخوفا فهي بالنسبة له ولأبيه كل شيئ ..هي وحدها المبصرة في البيت وهي امه التي يحب حبا عظيما ...
ركض الي سريرها المتهالك ... وضع يده علي جبينها ... أمسكت يده بحنان وحب وقبلتها ...انهال علي رأسها وحضنها لثما تقبيلا وهو يبكي ...
أمه تقول له جابر : تقدر توصل بيت الحكيم أبو سيرين ؟؟؟
قالتها بطريقة ملحنة وهي تشد علي يديه ...يعني بيت حبيبتك سيرين ...احست بنبض يديه في يديها ... جابر : لا تعلي صوتك يسمع أبوي !!!
امه تقول : اخاف عليك الطريق يا ابني !!! انت كنت تروح مع أبوك . من زمان ما رحت !!!
جابر : عشانك يا أمي اعمل المستحيل !!!
امه : بس عشاني جابر يمه !!!
جابر : يسكت بعدين فيك يا أمي .. أنا وين وهي وين الله اعلم شو صار فيها طول السنين !!!
امه : انت كنت تحبها من مصغرك با ابني وهي كمان كانت تهتم فيك !!!
جابر : شفت أنت قلت ... تهتم فيك ... كانت تشفق علي يمه لأَنِّي اعمي وأنا احلم وا
أحلم بلا حكي ما إلو معني !!!
الام: انت طيب ياأبني والله علي كل شيئ فدير ... جابر : ونعم بالله ياأمي !!!!
الأب: جابر ... هادول ثلاث دراهم حق الدوا ووقت الحكيم لا تضيهم يا ولدي ...
جابر : اسمع يا ولدي لا تكون عنيد ورأسك ناشفة زي أبوك ... اول ما تنزل الطريق العام للقرية ...خذ العصا هادي وأمشي فيها أكيد إلا حدا راح يساعدك للجسر فوق النهر القرية !!!
جابر : مستحيل أخذ العصا يبه !!!
الام : أذا أنا عزيزة عليك اسمع كلام أبوك يا ولدي !!!
جابر : يالله في هيك مشوار بالذات ما بدّي أخذ معي عصا انت عارفة !!!
الام : الطريق تغير وصارلك زمان ما نزلت الله بعينك المرة عشاني حبيبي يمه !!!
جابر : يقبل علي مضض يهز يديه قهرا ...
بأخذ جرابه في رقبته والعصا والدراهم في جببه ويتوكل علي الله !!!!
ينزل من فوق الجبل كالغزال ...طبعا العملية فيها سيرين !!!!
وصل الي سفح الجبل ...كرس الامال ...علامته هناك ...الان لازم يستخدم العصا ...الفكرة التي رفضها طول عمره بس الان لا بد منها فهو لا يعرف الطريق الي الجسر فوق النهر ...
نزل الي الشارع العام ...سمع أصوات العربات التي تجرها الدواب وأصوات الناس ...
جاء رجل وأمسك يده الي الجانب الاخر من الطريق فشكره جابر وانطلق في طريقه ولكنه لم يكن يعتمد علي العصا كبقية العميان ...كان يحملها بيده فقط وبيمشي مركزا علي صوت خرير ماء النهر فسمعه قوي جدا ومرهف ...
لم يحتج مساعده ولكنه لم يصل الي الجسر كان الجسر بعيدا عنه الي يمينه يسمع صوت الناس ...ولكن الطريق مليئة بالعقبات والحجارة والقوارب يصطدم فيها ويقع ثم ينهض ولا يريد استخدام العصا ...
اقترب من الجسر وعمامته سحلت علي وجهه الحنطي وشعره المتدلي من خلف راْسه ...
هناك علي الجسر ..خفق قلب امرأة تعبر الجسر في أتجاهه مباشرة ... تنظر اليه وهو يتعثر يصتدم بهذه تارة وتلك تارة اخري ...حالته مزرية ...
تقول : هذه حركة ما بعملها غير جابر ...وعمامته علي راْسه تغطي عيناه من بعيد وهو في حالة يأس شديد وبدأ يفكر بالعودة الي البيت ...ولكن تذكر سخونية أمه ... ووقف وأخد عصا العميان في يديه وما ان بدأ يصرخ ساعدوني يا ناس أوصل الجسر ... سمع صوتا حنونا كركب حالته كلها ..."تعال أساعدك يا مجنون "
"اللقاء الصاعق "
تسمر جابر في مكانه عندما سمع صوت المرأة الذي هز كيانه حتي النخاع ...
مدت المرأة بدها الي عمامته ورفعتها الي فوق ...فبدت عيناه الزائغتان ...مرسومتان رسما غريبا ..تقول : جابر
يقول : نعم سيدتي وهو ينتفض في مكانه عذرا منك ...
سيرين : مالك يا رجل تنتفض وكأن حية قرصتك !!؟؟
جابر : لا ياسيدتي عذرا ...هذه حركة لا يجرأ أحد أن يفعلها معي إلا ..يتلعثم إلا...
سيرين : إلا من ؟!
جابر : الا ابنة عمي ابو سيرين الحكيم ... لم يذكر اسمها مباشرة
سيرين : ولم لا تناديني باسمي يا جابر ففد ناديتك باسمك !!!
جابر : يشيح بوجهه فتدرك سيرين خطأها بسرعة،
وتقول : لا عليك جابر أنا فقط أمازحك كما كنت افعل دوما...
جابر : نسيت اني جابر الاعمي يا سيرين ..
سيرين : اخيراً ناديتي باسمي الحمد لله....
سيرين : جابر ماهذه الدموع في عيناك يا جابر ؟؟؟
جابر : لاهذا عرق من الحر والعمامة علي وجهي !!!
سيرين : تعرف ياجابر الذي ينظر في عينيك لا يمكن ان يشك لحظة أنك لا تبصر
جابر : هذا ماتقوله أمي دوما من اجل ذلك أرخي العمامة علي وجهي لتغطي عيناي ...
جابر (ينتبه ):سيرين أمي أمي يا سيرين قد شغلتييني يا سيرين ...
سيرين : ما لها خالتي أم جابر ؟؟؟
جابر : سخونتها مرتفعة جدا.
سيرين : رجعت سخونية زمان ...
جابر : الان أسوأ يا سيرين ولازم أوصل بيت "أبوك" اشتري نفس الدواء اللي أعطاها من زمان !!!
سيرين : يلا يا مجنون هات يدك وامشي معي الجسر نرجع البيت قبل ما يطّلع أبوي الديوان !!!
جابر : أبوك صار بالديوان ؟
سيرين : من زمان يا جابر ورئيس الديوان عينه طبيبه الخاص الحمد لله !!
جابر يمشي معها وهي تمسك بطرف يده وعصاه يخفيها وراءه وهو يتحرك معها .
جابر : يعني وضعكم تحسن كتير عن زمان صح!؟؟؟
سيرين : الحمد لله أحسن بكتير يا جابر الله يفرج عن الجميع !!!
جابر : شو هادا اللي بضرب برجلي وأنا ماشي وبطلع صوت !!!
سيرين : كيس انا حاملاه معي من اول.
جابر : عذرا سيرين انا عطلتك شي سيدتي ما بدّي أسبب الك اي حرج أرجوك .
سيرين : صدّق كنت جاي عندكم !!
جابر : توقف واستدار تجاهها . فجمدت وتوقفت وقالت : مالك ؟؟
جابر : جاي لعندنا سبحان الله وانا جاي لعندكم نفس الوقت ...
سيرين : هذا فعلا غريب ١٢ سنة يا ياجابر ...كبرت تغيرت صرت غير
جابر : وانت كمان كبرت صرت غير (واستدرك )طيب انا جاي بدّي الدوا لأَمي . أنت شو بدك منا ؟؟؟
سيرين : أبوي بدو يصلح الاحذية النا الثلاثة ؟؟؟
جابر : الثلاثة ومين الثالث يا رب ؟؟
سيرين : اخوي إلياس . انت ما بتعرفه عمره ١١ سنة الان يا جابر .
جابر : طيب ليش ما ابوك بعت اخوك إلياس . بعرف ابوك كتير بخاف عليك كان دأيما يطردني من عندكم بتذكري !!!
سيرين : اخوي الياس صحي اليوم مريض كتير وسخن الثاني .
اضطر أبوي يجبرني انا أجي عندكم .( قالت وأشاحت بوجهها بعيدا عنه تخفي ابتسامة نسوان ماكرة حتي احس بها)
جابر (ارتجف ): ابوك جبرك تيجي عندنا ما الو حق ...يصبر لما يطيب اخوك ..
سيرين : أبوي بدو الاحذية ليوم السبت بقول جاي عندنا ضيوف مهمين ...
جابر :،خير لا يكون خطاب .
سيرين : نظرت لجابر وشدت علي يده ... تصدق والله ما خطرت ببالي ...
جابر : طيب عمي ابو يوسف الكندرجي شغال وقريب من بيتكم كان رحت عنده اقربلك ؟؟
سيرين : ابو يوسف اعطاك عمره قبل يومين يا جابر الله يرحمه .
جابر : ابو يوسف توفي والله اذا أبوي يعرف راح يجن عليه ...يخفي جابر آهة محروقة في مهجته ... الله يرحمك يا ابو يوسف ...ويسكت.
تسكت سيرين : جابر وصلنا الجسر أمشي ورأي لان أحسن .
جابر : الجسر ضيق ومد العصا أمسكي فيها أحسن عشان الناس كمان يا سيرين .
سيرين : ما شاء الله عليك ما أحسنك يا جابر !!
جابر : يبتسم لأول مرة .
سيرين : الحمد لله نقطتنا بأبتسامة في الاخر يا جابر !!!
جابر : يعني أبوي هو الوحيد اللي المصلح للأخذية في القرية ؟؟
سيرين : بقولوا في واحد بدو يأخذ محل ابو يوسف بداله . للان ابوك هو الوحيد الحمد لله .
جابر : بقول عرفت الان ليش الطلبات زادت في هاليومين الحمد لله استغربت !!!
سيرين : الرجل مات الله يرحمه عشان اجي اشوفك !!!
جابر : ما انت قلت انو ابوك جبرك غصب عنك تيجي عندنا وعشان الكنادر مش عشاننا احنا ولا نسيت ...
سيرين : (تسحب العصا بقوة ) : ولَك أنا دفعت لأخوي إلياس الحقير ١٠ دراهم عشان يعمل حالوا نايم ومريض عشان أنا اجي ؟؟؟
جابر ( يتوقف ) : يتنور وجهه فرحا ثم يخفي ذلك ويقول : ١٠ دراهم هادا طماع كتير اخوك .
سيرين : حقير جلطتني بس شو اعمل بدّي اجي اشوفك ولا انت واقف علي الجسر تصرخ سبحان الله !!!
وصل الأثنان الجانب الاخر من الجسر ثم توقفا ...
وقف جابر امام سيرين وكانت أنفاسه تتدافع بسرعة عجيبة ...
سيرين متجمدة مكانها لأنها أدركت أنهاارتكبت خطأً و أفشت سرا بطريقة غريبة أربكتها...
جابر : سيرين ...كيف أتأكد انك سيرين !!!!؟؟؟؟؟
مد يده تجاهها كما كان يغفل وهو صغير ...
سيرين : شو بدك يا جابر؟؟
جابر : بدي اشوف الشامة علي اللي خَدَّك زي ما كنت أشوفها زمان ...
سيرين : اصبر لما نتداري شوي تعال هناك سحبته بعيدا عن الشارع ...
جابر يمد يده وهي أمامه يحس بأنفاسها تتعالي بعنف...
جابر :.مالك ياسيرين ؟؟
سيرين : سلامتك هات يدك أخذت يده فسبق هو ووضع يده علي صدرها بالخطأ
سيرين تكهربت ضحكت وتراجعت وقالت مالك ... تفكر انا طولي زي ما كنت زمان ؟؟؟
أمسكت بده بحنان وهي تحس باْن جسدها كأنه يغلي ويهتز ...وضعت يده علي وجهها ....
يده بردت ترتجف وجهها يهتز ...تلمس الشامة التي يعرف ...تجمد في مكانه ...رفعت العمامة عن عينيه ...فأذا بالدموع تسيل من عينيه بغزاره ...لم يتمالك نفسه وحضنها بحنان ورقه وهي حضنته وقال بغير وعي وسكت وتخشب مكانه : احبك يا سيرين !!!
عندها أفاقت وقالت : وانا احبك ياجابر قد طال انتظارك طول هذه السنين ارفض الخطاب من أجلك !!!
جابر(مختنقابصوته) : سيرين أنا أعمي أعمي أعمي يا سيرين !!!
سيرين : بعرف ولكن قلبك يبصر وبصيرتك أنظف من كل الناس يا جابر !!!
جابر : يعني أمي كانت علي حق ...كان حب مش شفقة !!!
سيرين : عمره ماكان شفقة أبدا انت إنسان عظيم ياجابر وانا راضية فيك هيك !!
جابر : يالله يالله يالله يقولها بحرقة تمزق أركانه ... دعوتك يالله وما زلت ادعوك ولن أيأس قط ... ليس لي انا ولكن لأَمي وأبي وسيرين يالله يالله يمسك يدي سيرين ويصرخ يالله يالله ... من بعيد يلمع ذلك النور الأبيض في عيني روحه يستيقظ من غفلته ...
جابر : سيرين نسينا الدواء يا سيرين الدواء أبوك بدو يطّلع بسرعة وكأن المرسال يريد له قدرا
سيرين تشد يده بقوة وتقول الحق بي بسرعة هات عصاك قربنا علي البيت .
يصل الآثنين لبيت الحكيم أبو سيرين وهو يهم بالخروج ... ينظر الحكيم لابنته مع رجل ... يقول بصوت عالي : سيرين .
سيرين : نعم يا أبي !!
الحكيم : ماذا تفعلي هنا يا ابنتي ؟؟
جابر : السلام عليك يا أبو سيرين .تتذكرني يا عّم ؟؟؟
الحكيم : جابر .نعم يا عم جابر ، قد كبرت يا عمي وكيف والديك ؟؟
جابر: أمي ياسيدي عادت السخونية وهي المرة أقوي ونريد أن تشتري الدواء من عندك ان امكن باْذن الله ياعمي !!!
الحكيم : سيرين وماذا حدث معك ؟؟
سيرين : وجدته تائه في الطريق . فاسديت له معروفا يا والدي .
الحكيم : خيرا فعلت وهل رآكم احد في الطريق !!!
سيرين : لا يا والدي سلكت الطريق الحلزوني الحمد لله .
الحكيم: خيرا فعلت .تعال يا جابر أعطيك الدواء باْذن الله.
جابر : هذا ثمن الدواء ياسيدي تفضل يعطيه ٣ دراهم فيعيد له واحد منها ويقول هذا أجرها يا ولدي .
يدخل الحكيم بيته ويفتح علي دكانه بعد ان أغلقه ويخرج قارورة عليها رقاع مكتوبة يقرأ له تشرب علي الريق ملعقة كبيرة وقبل النوم ملعقة كبيرة يا ولدي .
جابر : ابي قال ان الدواء والخدمة ثمنها ٣ دراهم يا سيدي فلماذا أعدت الي الدرهم يا عمي .
الحكيم ينظر اليه بأعجاب ويقول : هذا حقها يا ولدي يأذن الله ( يسكت جابر وهو ممتعض ).
يدخل الأب البيت يهامس سيرين ويخرج يقول لجابر اصبر هذا الياس يوصلك للجسر باْذن ألله وياخذ معه اللكيس ليكون جاهز غدا باْذن الله وأخبر ابوك انه معزوم علي ملْكة ابنتي سيرين علي ظافر ابن رئيس الديوان السبت القادم الغروب باْذن الله ."
كانت كلمات الحكيم علي قلب جابر كالصاعقة الحارقة ...أدار وجهه وأسند راْسه علي الباب كي لايسقط من طوله كانت الصدمة الثانية خلال دقائق معدودة .
أما الصدمة الأولي فان الحكيم نسي أن جابر سمعة مرهف وحساس فقد سمع حواره مع ابنته سيرين يقول لها : لا تخرجي حتي يخرج الغريب من الدار بصوت الإمر الغاضب .
كتمها جابر في نفسه ولم يبدها فتماسك حتي جاءته الصدمة الثانية القاتلة .
الياس : هيا ياجابر مالك قد تخشبت مكانك يا ابن الكندرجي الاعمي ... يقولها بكبر وصفاقة وقلة حياء .
جابر (يتجرع صدمته الثالثة من اخو سيرين ويكبت ): كنت انتظرك يا سيدي فأنا كما قلت اعمي !!
الياس : تنتظرني انا يا جابر ،أم انتظر وداع حبيبة ألقلب؟؟؟ لن تخرج إليك يلا معي ويجذبه من ثوبه الي الخارج بجلافة ووقاحة...
جابر : علي مهلك انا لِسَّه اكبر منك سنا يا الياس عيب عليك ان تفعل ذلك بي وان تعاملني هكذا !!
الياس: شو إنت بدك تربيني يا اعمي !!!
جابر :حاش لله يا ابن الكرام وقرر في نفسه اختصار الشر وسكت .
الياس : هيا أوصلك الي الجسر ، خذ احمل هذا الكيس للتصليح عند ابوك الكندرجي .
جابر : صاحب الحاجة أولي بحملها يا إلياس ...
الياس :يسكت ويمسك بثوبه يجره ،فيمد اليه جابر عصاه بنرفزة واضحة .
جائر : ماذا حدث لسيرين لماذا عنفها ابوك يا الياس ؟
الياس : تريد معلومات يا جابر ؟
جابر : فقط اطمن علي سيرين اعرفها منذ الطفولة يا إلياس !!!
الياس: اعرف يا اعمي !!! وهل لسيرين سيرة غيرك معي منذ ان بدات الوعي ...جابر هيك وجابر هيك حتي كرهتك وعندما قالت انك اعمي كرهتها هي معك كذلك !!!
الياس : بدك اخبار لازم تدفع ثمنها ولا بدك اخبار ببلاش ؟؟؟
كانت تلك الصدمة الرابعة لجابر ) : ما فهمت عليك !!!
الياس : انت المفروض ذكي علي كلام اختي عنك ولا الان وقف عقلك عند دفع الفلوس ؟؟
جابر : بدك أجار المعلومات يا الياس ؟؟ انا ما عندي فلوس !!!
الياس: وكمان بتكذب يا اعمي خسارة سقطت من عيني !!! انت عندك درهم واحد في جيبك !!!
جابر ( غاضبا)انا لا اكذب انا تركت الدرهم علي الطاولة في بيتكم !!!
تفاجأ الياس وسكت وقال : ما في معلومات من غير دراهم يا احمق .
جابر :تأدب انا اكبر منك يا الياس ...
الياس تدفع بعدين من ثمن الاحذية غدا !!!
جابر : باْذن الله ولكن ابوك مش هيك يا الياس ابوك رجل طيب !!!
الياس : شوف يا جابر زي ما بحكي عمي ابو سرجون الصايغ ...معك درهم ...تسوي درهم ...معك درهمين تسوي درهمين ...ما معك ولا فلس ولا تسوي شي ...وهذه حالك عندي الان يا اعمي ...
كانت تلك الصدمة الخامسة لجابر حتي كاد أن ينهار ويفقد وعيه وكاد ان يبطش بإلياس الا انه كظم غيظه لله ثم من اجل سيرين وجهالة الولد الذي معه الان ...سكت وأشاح بوجهه عنه ...
الياس : اشوفك درت بوزك عني يا اعمي تعرف ان عمي ابو سرجون بلعب بالفلوس والذهب
لعب اخخخ من غباء اختي سيرين الهبلة !!!!
جابر ومالها سيرين : تأدب هذه اختك الكبيرة عيب عليك يا الياس !!!
الياس : اه ...ما هي حبيبة القلب الغبية اللي عشانك يا اعمي رفضت سيرين ابن عمها اللي بدو يورث كل هذا الذهب وهو كان مستموت عليها ، عمري ما شفت زي هيك غباء !!!!
جابر كانت هذه بالنسبة الصدمة السادسة ولكنها حملت في طياتها معاني حلقت به للسماء للحظات حتي آفاق علي الياس يقول : بس راح تشوف الا اقنعها فيه وأورطها معاه !!!
جن هنا جنون جابر وكانا الاثنان قد وصلا الجسر والشمس قد وصلت عصرها .
كاد جابر ان يسطوا به ولكن قوة ما خفية تتحكم به تقول له إصبر يا جابر وكان الأسوأ لم يأتِ بعد .
سلم الياس الكيس لجابر وقال له هذا الجسر اللي أبوي قال أوصلك عليه بكره في هذا الوقت ألقاك هون أخذ منك الدراهم ثمن المعلومات والأحذية بعد تصليحها طبعا لا تتأخر .
جابر : تستلم عند الصخرة الكرسي زي غيرك وإذا ما جيت استطفل مع ابوك !!!
الياس: يصرخ طيب يا اعمي الاقيك عند الصخرة لا تنسي الفلوس !
جابر : بصوت واطي انت تحلم ...
ينصرف الياس وهو يرغي ويزبد غضبا .
جابر يرفع العمامة عن راْسه ويربط بها جراب الدواء علي خاصرته تحت ابطه ويمسك عصا العميان فيتحرك علي الجسر ...يمشي وفورا ياتي من يمسك بيده وهو صامت مقتول من كثرةالصدمات ويله ان يوصل الدواء لامه وويله حاله الذي هو عليه بشان سيرين .
يصل به الهادي الي طرف الجسر ويتركه شاكرا له .
يتحرك جابر ويصل ليعبر الشارع فيأتي من يساعده لعبور الشارع ...ويسأله ...جابر تريد ان تصل الي الصخرة التي تجلس عليهادوما يا جابر .
جابر : أكون لك من الشاكرين .
الرجل : لا باس عليك انت في طريقي وأبوك رجل طيب يا جابر ...
الرجل : انتبه يا جابر عند عبور طريق الجبل فقد دخل القرية مجموعة من الصعاليك الصبية معهم كلاب مفترسة يؤذون الناس ويتسلطون علي امثالك سأحاول ان أوصلك لأقرب نقطة آمنة باْذن الله !!!
جابر : ومن هؤلاء الصعاليك !!!ا
الرجل : يقولون انهم ليسوا من قريتنا يمكن من قرية درب الشوك يا جابر والله اعلم .
جابر ؛ الله يحمينا منهم باذنه .
الرجل :امين ،الان وصلت يا جابر وهذا صخرتك بفضل الله .
يسلم الرجل علي جابر ويضع جابر يده علي صخرته ويتنفس الصعداء يذهب الرجل في طريقه ويصعد جابر الطريق الجبلي الذي يحفظه عن ظهر قلب و مطمإن.
ما أن يختفي جابر خلف الصخور...
العقدة الخفية
وهناك تبنج جابر في مكانه عندماسمع صوت الكلاب تنبح من فوق ناحية الجبل القريبة من طريق المزبلة وقال في نفسه : يالله يا رب الا الكلاب يالله ...أنا عقدتي الكلاب يالله بخاف منها يالله يالله سترك كان هادا كمان ناقصني اليوم حسبي الله ونعم الوكيل ...
فورا تراجع الي موقع كرسي الامال وخلع رباط عمامته عن الجراب واخرج قارورة الدواء والكيس وأخفاها بسرعة في مكان سري خاص يعرفه تحت الكرسي كان يخفي فيه حاجاته الخاصة جدا وهنا وقعت يده علي ربطة شعر سيرين " الحمراء "التي يعرفها اخذها منها وهو صغير فأخذها بدون وعي وشمها وقبلها ووضعها في جرابه ووقف قبل ان تصله الكلاب والصعاليك التي تقودهم ...تراجع الي الوراء الي وسط الشارع ومعه عصاه وقد ربط عمامته علي راْسه وغطي عيناه ووقف متحفزا ...
كان نباح الكلاب يزيد كلما اقتربوا منه ...فميز ثلاثة كلاب اثنان كبيران وثالث صغير وخمسة أصوات اولاد احدهم صوت بالغ كبير ...
تحفز لهم وقلبه يتفطر خوفا وقرفا منها وهو متخشب لا يقدر علي الحركة من شدة الهلع من الكلاب اما الصعاليك فلم يبال لهم قط ...
كبيرهم : انت الاحمق الاعمي توقف مكانك ...ويكمل كلامه لمن معه
تاكدوا هل هو وحده راقبوا طرفي الشارع من كل الاتجاهين جيدا ...
المرافقين : الشارع خالي ما في احد لا رائح ولا جاي شو نعمل مع هذا الاعمي ؟؟؟
كبيرهم : احنا اليوم حظنا زبالة زي المزبلة اللي كنّا فيها ...وحدة عجوز وواحد اعمي شو هاظا الحظ المعتر ؟؟؟!!!
(يكمل كلامه ): انت يا اعمي شو معك في الجراب الي تحت ابطك ؟؟؟
جابر : لا يقدر علي الإجابة من شدة الخوف فهو يحس بالكلب يشمه يلحسه وهو يبتعد عنه ...
كبيرهم : جاوبني وإلا تركت الكلاب تنهشك أنا الان شايفك مرعوب أصلا منها ....
جابر يجيب بصعوبة ): الجراب فاضي ورماه علي الارض شوف ...
الأولاد تجري نحو الجراب تكبه علي الارض ...يسقط رباط الشعر علي الارض ...يقول احد الأولاد : فاضي بس رباط شعر احمر قديم لا يسوي شي ..
هنا قلب جابر يتفطر حزنا ويظل صامت لا يتحرك ويهم بالبحث عن الرباط وما ان ينحني حتي تهجم عليه الكلاب عضا وخمشا والأولاد يسحبونهاولا يقدرون علي منعها وهو يضحكون
بصوت علي مبتهجين علي هذه المتعة الساقطة ...
جابر علي الارض يكاد قلبه يتوقف فعلا من الرعبوهو يكاد يفقد صوابه
ويغمي عليه ...وهو مازال يبحث عن رباط شعر سيرين ...وفجأة يصاب بحالة هستيرية غاضبة جامحةً فينهض بعصاه يضرب يمين شمال يلطش يبطش بكل من حوله ...هنا أطلق الصعاليك الكلاب علي جابر وبدات حرب حياة او موت ...فصرخ جابر يالله ...يالله يالله .. مافي لي غيرك يالله ...وينك يا يبه ابي ابي ...يصرخ بأعلي صوته ...
جابر علي الارض بين الحياة والموت والحجارة تتحذف عليه من كل مكان فقد تأذي كبيرهم من ضربات عصاه فأفلت منه الكلب الكبير وهجم علي جابر ...
هنا سمع صوت من جهة كرسي الامال ...يقول : إيها الاوغاد انه رجل ضرير مسكين وهجم عليهم بعصاه ...انه ابوه لجابر أستأخر عودة جابر فنزل فلما اقترب سمع صراخه فأسرع له لينقذه من هؤلاء الصعاليك فان خبر وصولهم لقرية الزهور وصل كل البيوت فظلوا في بيوتهم ولم يخرجوا الي المضطرين منهم ...
هرب الصعاليك وسحبوا معهم كلابهم ... جابر علي الارض يجلس وأبوه ضعيف النظر يهرع اليه يرفعه بيديه وهو يقول : جابر جابر ولدي ما كان ينبغي ان أتركك تخرج وحدك يا ولدي ...
يرفعه ليجلس علي الكرسي ...
جابر : ابي القارورة والكيس تحت الكرسي يا ابي مد يدك وخدها وهيا تذهب فورا لأَمي نعطيها الدواء...
ينظر ابو جابر الي حالة ابنه وهو لا يفكر بنفسه وإنما بأمه وكيف انه خبأ الدواء والكيس تحت الصخرة ...جابر يا ابني انت لست إنسانا عاديا أكيد ان لك قدر لا يعلمه الا الله ...يرفعه يسنده بعد ان اخرج قارورة خ الدواء ويتحرك الاثنان ببطء نحو الطريق الجبلي تجاه البيت
أبو جابر ينظر في يد ابنه فإذا رباط الشعر الأحمر يتدلي من يده فلما انتبه جابر لحركة ابوه عليه يشده منه لمه وخبأه جابر .فقال ابوه : هذا رباط شعر سيرين يا جابر ما زلت تحتفظ به ١٢ سنة يا ولدي ؟؟
جابر :ساكت لا يجيب وهو لا ينظر الي الي والده !!يكمل ابوه يقول : لا تقلق يا جابر فأنا اعرف القصة من ١٢ سنة لأنك أمك لا تخفي عني شيئ باْذن الله .
جابر : يحمر وجهة المدمي بالدم اكثر وأكثر ويطأطأ راْسه ...سامحني يا ابي والله أنا لم أغلط معها في اي شيئ يغضب الله والله الشاهد علي يا ابي !!!
الأب : هذا ليس وقته يا ولدي !!! المهم الان نصل البيت ونعطي أمك الدواء !!!
جابر : يعني يا ابي انت مش زعلان مني لأَنِّي ما خبرتك ؟!!!
الأب : يبتسم في نفسه ويقول ولم أزعل منك يا ولدي ...الحب أقدس نعمة أنزلها الله علي عباده ومن حرمها ليس إنسانا قط واطهر حب هو حب الطفولة الطاهر االبريئ المخلص
الذي ينمو صادقا يتحدي الجبال الرواسي يا ولدي ...لا تقلق يا ولدي ان لك قدرا لن تخلفه ...
هنا تدب في إوصال جابر طاقة غريبة صاعقة فيقف وحده من غير عون ابيه يقبل راس ابيه ويتحرك راكضا كالغزال فوق منعرجات الجبل في اتجاه البيت وكأنه طفل صغير وابوه يجري وراءه باْذن الله .
يصل الاثنان البيت والام مسجاة علي سريرها وهي تأن من وجع المرض وكأنها تموت ...يسرع الأب ليعطيها الدواء مع الماء وجابر يمسك يدها يناديها وهي شبه مغمي عليها ...مالها يا ابي ؟؟؟
لم تكن هكذا في الصباح ؟؟
الأب : خوفها عليك جعل حالها اخطر من منذ ان خرجت وجاء خبر الصعاليك !!!
جابر : خبر الصعاليك ومن أين جاءكم خبر الصعاليك ؟؟؟
هنا تتحرك الام وتمسك يد جابر ...انت هنا يا ولدي !!!
يهرع جابر يقبل يدها ورأسها أنا بخير يا أمي وهو يغطي جزأ من وجهه وكان العمامة سقطت عنه .
الأب: بعد ان خرجت بساعة تقريبا يا ولدي جاءتا المسمي ظافر ابن رئيس الديوان فصعقنا وخفنا ان يكون حدث لك مكروه وجنت أمك جنونها وتغير حالها وفقدت صوابها للان فقط هي أحسن !!!
جابر : وماذا يفعل هذا الظافر عندنا يا والدي ؟
الأب : جاء يسال عن سيرين ...يقول انه ذهب لزيارتهم في البيت فوجد ابوها ولم يجد سيرين فدهش ولما عرف من ابيها قصة مرض اخوها وتصليح الاحذية كأنه غضب من خروجها وحدها وخاصة مع وجود خبر الصعاليك ومعهم الكلاب ،فقال ان ابوها طلب منه ان يلحق بها كي يرافقها وبالمناسبة يعزمني علي خطوبتها يوم السبت . وسال عنك لانه لم يجدك علي كرسيك اليوم كعادتك في كل صباح فقلت له أني أرسلتك في عند العطار لشراء الدواء ...
جابر : قلت العطار ام الحكيم ؟؟؟
الأب : العطار ولم أقل الحكيم يا والدي فأنا فهم الامر تماما وهنا رجع ظافر وقد كان شهما مهذبا ولطيفا يا ولدي وجلس مع أمك وواساها ودعا لها ..
جابر : جزاه الله خيرا يا والدي ...
الأب : يا ولدي الدنيا أقدار ولن يغالب احد قدره باْذن الله ...
الام : تتحرك متحسنة فقد فعل الدواء فعله ...
ام جابر : ولدي ... انت اليوم شفت سيرين صح
جابر (متلعثما): أمي هذه اثار الحمي يا أمي أليس كذلك !!!
الام :قد رأيت فيك مع سيرين رؤيا منيحة كتير ...
جابر : يتهلل وجهه...شو شفت يا أمي ...!؟؟؟؟
الام:بس يروح أبوك الورشه تحت ...
الأب لا يعجبه الامر ولكنه يتحرك نازلالورشته ...
وهنا تمسك الام يد جابر متهللة وتقول ؛.....
الرؤيا الامل
امسكت امه يده وبدات تشد عليها وتحكي له انه متميز وانه باذن الله عنده أمل هو بالنسبة اليه اعمي ...الأمل الاعمي المستحيل ...ولكنه في نظرة عينيه العمياوان أمل في الله ومع الله لا يمكن ان يكون مستحيل قط ...
ام جابر : شفتك يا ابني راكب سفينة كبيرة تجرها فوق الماء اربع ظباء قرونها طويلة وانت جالس علي كرسي زي العرش وسيرين واقفة وراك وحاطة أيديها علي أكتافك والسفينة كانت ترسوا تجاه مرفأ فيه ناس كتير يستنوك ويلوحوا بإيديهم يحيوك ومن معك وبعدها سمعت صوتك جاي لعندي صحيت ...
ابو جابر : ماشاء الله يا ام جابر هذا رؤيا عنجد منيحة
ام جابر :انت سمعت يا ابو جابر وهي تضحك لانها هي اللي اشارت آلو من غير ما يعرف جابر لا تروح بس خليك ساكت ..
جابر : انت ضحكت علي يمه أبوي سمع كل شي ...خير الحمد لله ..
ام جابر : انت يا ابو جابر تعبر الأحلام والرؤي كيف شايف هذه الرؤيا ان شاء الله تكون خبر يا رب علينا !!
ابو جابر :في حد علمي المتواضع يا ام جابر الرؤيا كتير منيحة باْذن الله
الضباء الأربعة المقرنة اولاد ذكور قوية تجر المحاريث في ارض واسعة اتساع المحيط
والكرسي دون العرش ملك كبير
والنَّاس تحييك وتسقبلك ...سلطان مرضي عنه عادل محبوب
وسيرين معك تضع يديها علي كتفيك ...تتزوجها وتنجب الذرية وهي تعينك في بيتك وملكك وذريتك باْذن الله
جابر : يخرج وهو يبكي ويقول مستحيل ..مستحيل ...مستحيل... أنا اعمي أنا اعمي أنا اعمي والعميان لا يمكن يعملوا هيك أبدا مستحيل انتو بس بتسايروني عشان تخففوا عني ..شكرًا كتير شكرًا يخرج ويهرب بعيدا نازلا الي كرسي الامال كي يبكي ويفضقض وحده ...
ابو جابر يجري وراءه يصرخ :جابر ...جابر ..جابر
ام جابر : تمسكه اتركه وحده الان يا ابو جابر
ابو جابر : أنا خايف عليه يا ام جابر لِسَّه الولد ومجروح ومكلوم من كل الجوانب والصعاليك لِسَّه في الحارة يا ام جابر...!!!!
هنا ام جابر نقزعا قلبها وخافت وقالت لزوحها خلي عيونك واذونك عليه الله يخليك الولد مذبوح
هرع جابر نازلا بسرعة كبيرة كعادته الي موقعه المحبوب وعندما وصل جلس وأراح ظهره علي كرسيه وبدا يبكي ويبكي وصورة رؤيا أمه في روحه تتكرر مالشريط الدوار وهو يري نفسه يجلس وسيرين نعم سيرين تضع يديها علي كتفيه ..يالله يالله ..كان ذلك كافيا له كي يحلق بروحه الي اجواز السماء الرومانسية الرائقة البريئة الشفافة ...لم يهتم بالناس ولا بالملك ولا بالسلطان وإنما عندما سمع أمه تقول ذلك وقف عقله عندها وبدا يدورها في عقل روحه وهنا اخرج من جيبه رباط شعرها وبدأ يشمه ويقبله ويبكي منتحبا ...
صوت بكاءه ونحيبه أنساه صوت الكلاب تعوي من جانب طريق الجسر ...
الصوت يزيد بسرعة وكان الصعاليك يهربون من احد يلاحقهم كالعادة هربا من جرائمهم الساقطة ...
جابر غارق في بكائه وصوت الكلاب يزيد وبدا صوت كبيرهم الارعن يقول : اتجهوا الي طريق مزبلة الجبل فهو اقصر هيا أسرعوا ...
جابر غارق في غيبوبته القاتلة وكأنها نهاية عمرة التي لا يريد ان يحيا بعدها أبدا ...
وصوت الكلاب يزيد ويرتفع ويقتربون من كرسي آلامل طريق مزبلة الجبل
استيقظ جابر علي حركة الكلب الصغير الذي وصله اولا يلحس رجله برفق قبل الآخرين فافاق من غيبوبته وانتفض واقفا وكان حية لدغته وقفز من مكانه وهرب صاعدا فوق الجبل ثم وقع وانقلب علي وجهه والتوت رجله وضرب كتفه ضربة قوية عجز عن الركض والمشي فامتلأ رعبا فوق رعبه ... انها الكلاب ...يالله ..ليس مرة ثانية ..ليس مرة ثانية ..هذه المرة يتوقف قلبي وأموت ...يالله يالله يالله ...
وصل جابرالي جحر يعرفه تحت تله زحف اليها واختبأفيها وسكت وكتم انفاسه وتوقع انه ميت لامحالة ..
وصل صوت الصعاليك والكلب الكبير وجابر ووصلت الكلاب الي الجحر ... وجابر واضع يديه علي راْسه في حجره في جحره كاتم انفاسه ساكت ..
ولكنه سمع صوت الكلاب علي علي باب جحره وسمع نباح الكلب الكبير المرعب احس بالكلب الصغير يلحس رجله وصوت الكلاب يزيد ويزيد وفجأة هربت الكلاب وذهبت بعيدا من غير مقدمات وبدون اي سبب يعرفه جابر وهو يظن ان أجله المحتم قد جاء وان حياته قد انتهت تماما ..سمع جابر صوت كبيرهم يقترب من الحجر ويقترب اكتر فاكثر ...